ثم إن الشئ قد يكون علما ولا يكون معلوما وقد يكون معلوما ولا يكون علما.
وبعبارة أخرى العلم قد يكون انقص من المعلوم والمعلوم أقوى وأظهر من العلم به وقد يكون بالعكس.
بيانه ان الوجود إذا كان في غاية الجلالة والعظمة فلا يمكن تعقله بعلم آخر زائد على ذاته وان كانت ذاته علما بذاته ومعلوما لذاته كالواجب تعالى وما يقرب منه من العقول الصريحة فالوجود هاهنا علم ولا يكون معلوما لغيره وان الوجود إذا كان في غاية الخسة والنقص فيمكن حضور صورته عند العالم ولا يمكن حضور ذاته كالهيولي الأولى وما يقرب منها فالصورة هاهنا (1) أقوى من المعلوم في باب العلم بخلاف الأول والصورة الحاصلة (2) هاهنا علم والمعلوم ليس بعلم وفي الأول المعلوم علم في نفسه وعلمنا به ليس علما به بل بوجه (3) من وجوهه.
إذا تقررت هذه الأصول فنقول ان النفس التي لنا إذا فرض كونها مبدءا لجميع الادراكات والتحريكات الحيوانية والنباتية حتى الجذب والإحالة والدفع لا يلزم من ذلك أن تكون عالمه بأفاعيلها الطبيعية الواقعة منها باستخدام المادة والطبيعة وقولهم:
العلم بالعلة يوجب (4) العلم بالمعلول حق ولكن العلم بالعلة إذا كان عين وجودها كان