وجوده أو عدمه فإنه لا يمكن ان يوجد بعد العدم أو يعدم بعد الوجود لا يستلزم (1) القول بان ما لا حامل لامكان وجوده وعدمه لا يمكن ان يوجد بعد الوجود إذ ربما يكون وجوده السابق من غير حامل (2) كافيا في رجحان وجوده اللاحق وذلك إذا كان وجوده اللاحق طورا آخر من الوجود بان يكون كمالا وتماما لوجوده السابق ومن نظر في مراتب الأكوان الاشتدادية لموجود كوني كالسواد في اشتداده وكحرارة الفحم في اشتدادها وجد أن حامل امكان كل فرد ضعيف وقوته يزول عنه ذلك الامكان ولا يزول حقيقة ذلك الفرد بل يشتد وانما يزول نقصه وضعفه فلا يلزم في الحركات الاستكمالية ان يكون زوال امكان الشئ واستعداده منشئا لزوال وجوده بل لتبدل وجوده وتبدل وجود الشئ قد يكون إلى عدمه وقد يكون إلى وجود أقوى وأكمل من وجوده المتقدم ومن هذا القبيل بطلان استعداد البدن للنفس لا يستدعى الا زوال وجودها البدني المفتقر إلى مادة البدن وزوال وجودها الأولى وتبدله لا يلزم ان يكون بطريان العدم عليه بل بطريان الوجود الأقوى لها فالقاعدة المذكورة أي كون ما هو حامل لامكان وجود الشئ فزواله أو زوال استعداده يستدعى زوال ذلك الوجود بعينه حقه لا شبهه فيه لكن زوال كل وجود خاص بخصوصه لا يلزم إلى عدم مطلق له بل ربما يكون تبدله إلى نحو آخر من الوجود كما في الاستحالات (3).
(٣٩٤)