واما ثانيا فلان الصورة الجسمانية انما تؤثر بواسطة الوضع وحيثيته لان (1) حيثية الوضع داخله في قوام وجوده الجسمي ويمتنع حصول الوضع بالقياس إلى ما لا وضع له.
واما ثالثا فلان العلة أتم وأقوى من المعلول والجسماني أضعف وجودا من المجرد لان وجوده قائم بالمادة ووجود المجرد مستغن عنه فاذن المؤثر في النفس يمتنع ان يكون محتاجا إلى الجسم في وجوده.
واما بطلان الثاني وهو ان يكون تلك القوة الموجدة للنفس غير محتاجة إلى الجسم في وجودها بل في موجديتها فلان الذي يحتاج في فاعليته إلى الجسم هو الذي يفعل فعلا يمكن ان يكون ذلك الجسم آلة متوسطة بينه وبين معلوله وتوسيط الجسم لا يتصور الا من جهة وضعه ومقداره إذ جسمية الجسم بالوضع والمقدار فلا محاله يختلف نسبته بالقرب والبعد إلى ما يؤثر فيه وبحسبهما يختلف تأثيره فتأثيره في شئ يتوقف على أن يكون ذلك الشئ قريبا منه ضربا من القرب إذ لو لم يتوقف على القرب ولم يتفاوت تأثيره بتفاوت درجات القرب وجب ان يكون تأثيره في القريب كتأثيره في البعيد؟
فلا يكون لذلك الجسم دخلا في التأثير لان وجود الجسم ونحو تشخصه انما يكون بوضع خاص له فإن كان التأثير في القريب من ذلك الجسم قبل تأثيره في البعيد عنه وجب ان يكون ذلك الفعل مما يصح عليه القرب والبعد فلا يكون أمرا مجردا روحانيا فاذن كلما يفعل بمشاركة الجسم وبواسطته فهو ذو وضع وينعكس انعكاس النقيض ان ما لا يكون ذا وضع امتنع ان يكون بواسطة الجسم والنفس مما لا وضع له، فاذن لا يمكن ان يوجد بواسطة الجسم فاذن فاعل النفس غنى في ذاته وفاعليته