الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٩ - الصفحة ٣٩٥
فان قلت ننقل الكلام إلى حدوث ذلك الوجود المفارقي للنفس كيف حدث لها وكل حادث يفتقر إلى مادة والمجرد لا مادة له.
قلت الحادث هاهنا ليس في الحقيقة الا اتصال النفس بذلك المفارق وانقلابها إليه، لا نفس وجود ذلك المفارق وذلك الاتصال أو الوجود الرابطي أو ما شئت فسمه حدوثه مسبوق بالاستعداد وحامل هذا (1) الاستعداد هو النفس ما دامت متعلقه بالبدن وحامل فعليه ذلك الاتصال هو النفس عند اتحادها بالعقل وقد مر ان حامل قوه الشئ غير حامل وجوده وان وجب ان لا يكون مباينا صرفا أيضا.
ثم إن الحكماء الإلهيين قد أثبتوا للطبائع حركه جبلية إلى غايات ذاتية كما مر غير مره واثبتوا لكل ناقص ميلا أو شوقا غريزيا إلى كماله وكل ناقص إذا وصل إلى كماله أو بلغ إلى آنيته اتحد به وصار وجوده وجودا آخر وهذه حركه الجبلية في طبيعة هذا النوع الانساني إلى جانب القدس معلوم مشاهد لصاحب البصيرة فإذا بلغت النفس في استكمالاتها وتوجهاتها إلى مقام العقل وتحولت عقلا محضا اتحدت بالعقل الفعال وصارت عقلا فعالا بل ما كانت عقلا منفعلا أي نفسا وخيالا فزالت عن المادة

(1) الأولى ان يقال إن المادة البدنية انما كانت حامله لامكان وجود النفس لها وهو وجودها لغيرها وهكذا كل حامل لامكان وجود صوره أو عرض انما يحمل امكان وجوده له ثم لما تجردت النفس بالحركة الجوهرية عادت موجودة بنفسها تامه لا لغيرها فلم تحتج إلى حامل لوجودها ولا إلى زمان يقارنها الا بحسب التجوز وذلك كمقارنة الادراك العقلي والخيالي للزمان بواسطة مقارنه الآلات الفاعلية البدنية بالعرض وانما قلنا: ان هذا التقرير أولى لان القول بكون النفس المتعلقة بالمادة في فعلها مادة للنفس المجردة التامة كما ذكره ره لا يخلو عن شوب مناقشة ط مد.
(٣٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 » »»
الفهرست