فإنه يلقى بصره مره على (1) الأشياء ومره على ذاته فقط وانما صارت ذلك حال البدن الذي صار فيه بتوسط النفس فإذا كان مشوبا بالبدن جدا ألقى بصره على الأشياء وإذا تخلص قليلا ألقى بصره على ذاته فقط والعقل لا يستحيل ولا يميل من حال إلى حال الا بالجهة التي قلنا واما النفس فإنها تستحيل إذا أرادت علم الأشياء إلى آخر هذا الكلام وغير ذلك من كلماته الشريفة تصريحا وتلويحا إلى أن للنفس كينونه قبل هذه النشأة وبعدها في عالم العقل يظهر لك بالمراجعة إليها والتأمل فيها.
ثم لا يخفى ان عاده الأقدمين من الحكماء تأسيا بالأنبياء ان يبنوا كلامهم على الرموز والتجوزات لحكمه رأوها ومصلحة راعوها مداراة مع العقول الضعيفة، وترؤفا عليهم وحذرا عن النفوس المعوجة العسوفة وسوء فهمهم فما وقع في كلامهم ان النفس أخطأت وهبطت فرارا من غضب الله عليها فهم وأمثالهم يعلمون ان في عالم القدس لا يتصور سنوح خطيئة أو اقتراف معصية ولا يتطرق إليه مستحدثات آثار الحركات بل عنوا بخطيئة النفس ما أشرنا إليه من جهة امكانها وحصولها عن مبدئها ونقصها (2)