عقليا فتكثرت وتنزلت في هذا العالم وصارت لضعف تجوهرها متشبثة بأبدان طبيعية ساكنه في منازل سفليه فليس في هذين الامرين انقلاب في الحقيقة على الوجه المستحيل فان للأشياء النوعية والمفهومات المحدودة كالانسان والفلك والأرض والماء وغيرها أنحاءا من الوجود وأطوارا من الكون بعضها طبيعية وبعضها نفسية وبعضها عقلية وبعضها إلهية أسمائية فإنك إذا تعقلت أو تخيلت أرضا أو سماءا فقد حصلت في عقلك سماءا عقلية وفي خيالك سماءا خيالية كل واحده من الصورتين سماء بالحقيقة لا بالمجاز كما أن التي في الخارج عنك سماء بل الصورتان (1) الأوليان أحق باسم السماء وأولى من التي في الخارج لان التي في الخارج مموهة مغشوشة بغواشي زائدة وأمور خارجه عن ذاتها واعدام وظلمات وأمور زائلة سائله متجددة وكذا الحال في كل نوع من الأنواع الطبيعية فالكل في قضاء الله السابق على وجه مقدس عقلي فأي مفسده في أن يكون للنفوس التي هي صور بعض الأنواع الطبيعية كينونه على نحو آخر في العالم العقلي ومن (2) زعم أن كون معنى واحد موجودا بوجودات متعددة متخالفة النشآت يوجب قلب الماهية وبطلان الحقيقة فليمتنع عنده العلم بحقيقة شئ من الأشياء فان العلم بالأشياء (3) الغائبة عبارة عن وجود صورتها المطابقة لها عند العالم وتلك الصورة للشئ قد تكون عقلية وقد تكون خيالية وقد تكون حسية حسب درجات قوه العالم بها فالعالم
(٣٦٩)