لها اتصال بخزانتي المعنى والصورة انتهى فإنه دل على أن مبدء الذي ينسب إليه التفكر والتذكر والتخيل والحفظ هو شئ واحد بالهوية والذات كما أن مبدء الجميع في الانسان هو ذات واحده يتشعب منه فروع وقوى باعتبار أطواره المختلفة ودرجاته المتفاوتة.
وقال أيضا في فصل القوى النفسانية من كتاب القانون وهاهنا موضع نظر فلسفي انه هل الحافظة والمتذكرة والمسترجعة لما غاب عن الحفظ من مخزونات الوهم قوه واحده أو قوتان ولكن ليس ذلك مما يلزم الطبيب انتهى.
وانما لم يحكم هاهنا ولم يجزم بأحد الشقين التغاير أو الاتحاد لان الحكم به اما على سبيل المبدئية فليس ذلك مما يبتنى عليه قاعدة طبية ولا على أن يكون مطلوبا هناك إذ ليس هذا من المسائل التي يلزم الطبيب ان يعرفها إذ موضع أفعال الوهم والحفظ عضو واحد أو كالواحد عندهم إذا وقعت فيه آفة تسرى في غيره أيضا فما الحاجة لهم إلى معرفتها.
وأيضا الحكم النظري مفتقر إلى حجه وبيان وليس يمكن اثباته بالأدلة الطبية واثباته بالبراهين اللمية لا يكون الا في علم آخر فوق الطب ولكن قال في الشفا بهذه العبارة وهذه القوة يعنى الحافظة يسمى أيضا متذكرة فتكون حافظه لصيانتها ما فيها ومتذكرة لسرعة استعدادها لاستثباتها والتصوير لها مستعيدة إياها إذا فقدت.
وذلك إذا اقبل الوهم بقوته المتخيلة فجعل يعرض واحدا واحدا من الصور إلى آخر كلامه.
فهذا يدل على أنهما قوه واحده وقد مر ان الذكر يتم بفعلين والاسترجاع بثلاثة أفاعيل فوحدة كل من الذكر والاسترجاع اعتبارية وكذا وحده القوة التي مبدئه وفوق هذا كلام آخر موعود بيانه وبالجملة لا اضطراب في كلامه أصلا كما ظن بعضهم بل هذه القوى مع تعددها عنده مفتقرة بعضها إلى بعض وكلها آلات للوهم ونسبه الأفاعيل إليها كنسبة الفعل إلى الاله والفعل بالحقيقة منسوب إلى ذي الاله لا إلى الاله والوهم أيضا آله للعقل فيما له عقل واما ان جميع القوى المدركة والمحركة مع تعددها وتخالفها عين حقيقة واحده شخصية لها وحده جمعية تشمل هذه المعاني