في خلوته فغص بطانته من ذلك وأفاضوا في السعايات عند السلطان فلم تنجح وكانوا يعكفون على امام الجامع وشيخ الفتيا محمد بن عرفة وكان في قلبه نكتة من الغيرة من لدن اجتماعنا في المرسى بمجالسة الشيوخ فكثيرا ما كان يظهر شفو في عليه وان كان أسن منى فاسودت تلك النكتة في قلبه ولم تفارقه ولما قدمت تونس انثال على طلبة العلم من أصحابه وسواهم يطلبون الإفادة والاشتغال وأسعفتهم بذلك فعظم عليه وكان يسر التنفير إلى الكثير منهم فلم يقبلوا واشتدت غيرته ووافق ذلك اجتماع البطانة إليه فاتفقوا على شأنهم في التأنيب والسعاية بي والسلطان خلال ذلك معرض عنهم في ذلك وقد كلفني بالإكباب على تأليف هذا الكتاب لتشوقه إلى المعارف والاخبار واقتناء الفضائل فأكلمت منه أخبار البربر وزناتة وكتبت من اخبار الدولتين وما قبل الاسلام ما وصل إلى منها وأكملت منها نسخة رفعتها إلى خزانته وكان مما يغرون به السلطان قعودي عن امتداحه فانى كنت قد أهملت الشعر وانتحاله جملة وتفرغت للعلم فقط فكانوا يقولون له انما ترك ذلك استهانة بسلطانك لكثرة امتداحه للملوك قبلك وتنسمت ذلك عنهم من جهة بعض الصديق من بطانتهم فلما رفعت له الكتاب وتوجته باسمه أنشدته في ذلك اليوم هذه القصيدة امتدحه وأذكر سيره وفتوحاته واعتذر عن انتحال الشعر واستعطفه بهدية الكتاب إليه فقلت هل غير بابك للغريب مؤمل * أو عن جنابك للأماني معدل هي همة بعثت إليك على النوى * عزما كما شحذا لحسام الصيقل متبوأ الدنيا ومنتجع المنا * والغيث حيث العارض المتهلل حيث القصور الزاهرات منيفة * تعنو لها زهر النجوم وتحفل حيث الخيام البيض ترفع للقرى * قد فاح في أرجائهن المندل حيث الحمى للعز في ساحاته * ظل أفاءته الوشيج الذبل حيث الرماح يكاد يورق عودها * مما تعل من الدماء وتنهل حيث الجياد أملن شجعان الوغى * مما أطالوا في المنار وأوغلوا حيث الوجوه الغر قنعها الحيا * والبشر في صفحاتها يتهلل حيث الملوك الصيد والنفر الألى * عز الجوار لديهم والمنزل من شيعة المهدى بل من شيعة التوحيد جاء به الكتاب مفصل شادوا على التقوى مباني عزهم * لله ما شادوا بذاك وأثلوا بل شيعة الرحمن ألقى حبهم * في خلقه فسموا بذاك وفضلوا قوم أبو حفص أب لهم وما * أدراك والفاروق جد أول
(٤٤٦)