وطوع ضاحية الشرق وقبائله وافتتح أمصاره حتى انتهى إلى المرية ونظم البلاد في طاعة السلطان واحتشد مقاتلتها إلى معسكره فلحقوا به وكاثروا جنوده واستعمل السلطان على وانشر يس وعمل الجشم من بنى توجين وعقد لسعد بن سلامة ابن علي على بنى يدللتن وجعل الوالي بالقلعة إلى نظره وكان خلص إليه بالمغرب قبل فصوله نازعا عن أبي تاشفين لمكان أخيه قريعه محمد من الدولة واستعمل السلطان أيضا على شلف وسائر أعمال المغرب الأوسط واختط السلطان بغربي تلمسان البلد الجديد لسكناه نزل عساكره وسماه المنصورية وأدار على البلد المخروب سياجا من السور ونطاقا من الخندق ونصب المجانيق والآلات من وراء خندقه ينضح رماته بالنبل رماتهم ويشغلونهم بأنفسهم حتى شيد برجا آخر أقرب منه وترتفع شرفاته فوق خندقهم ويماصع المقاتلة بالسيوف من أعاليها ورتب المجانيق إلى رجمها ودكها فنالت من ذلك فوق الغاية واشتد الحرب وضاق نطاق الحصار وكان السلطان يصحبهم كل يوم بالبكور والتطواف على البلد من جميع جهاته لتفقد المقاتلة في مراكزهم وربما ينفرد في طوافه بعض الأيام عن حاشيته فاهتبلوا الامر يحسبونه غرة وصفوا جيوشهم من وراء السور مما يلي الجبل المطل على البلد حتى إذا حاذاه السلطان في تطوافه فتحوا أبوابهم وأرسلوا عليه عقبان جنودهم واضطروه إلى سفح الجبل حتى لحق بأوعاره وكاد أن ينزل عن فرسه هو ووليه عريف بن يحيى أمير سويد ووصل الصائح إلى المعسكر من كل جانب فشمر جنود بنى عبد الواد إلى مراكزهم ثم دفعوهم عنها وحملوهم على هوة الخندق فتطارحوا فيه وترادفوا هلك بالكظيظ أكثر ممن هلك بالقتل واستلحم في ذلك اليوم زعماء ملئهم مثل عمر بن عثمان كبير الحشم من بنى توجين ومحمد بن سلامة بن علي كبير بنى يدللتن منهم أيضا وغيرهم وكان يوما له ما بعده واعتز بنو مرين عليهم من يومئذ ونذر بنو عبد الواد بالتغلب عليهم واتصلت الحرب مدة عامين ثم اقتحمها السلطان غلا بالسبع وعشرين من رمضان سنة سبع وثلاثين ووقف أبو تاشفين بساحة قصره مع خاصته وقاتل هنا لك حتى قتل ابناه عثمان ومسعود ووزيره موسى بن علي ووليه عبد الحق ابن عثمان من أعياص عبد الحق نزع إليه من جملة الموحدين كما أشرنا إليه واستوفى خبره فهلك هو وابنه وابن أخيه وأثخنت السلطان أبا تاشفين الجراحة ووهن لها فقبض عليه واختبنه بعض الفرسان إلى السلطان فلقيه الأمير أبو عبد الرحمن ؟؟ تلك الحروب وأورد غمرتها بنفسه فاعترضه وقد غض الطرف بموكبه فأمر به في الحين فقتل واحتز رأسه وسخط ذلك السلطان من فعله لحرصه على توبيخه وتقريعه وذهب مثلا في الغابرين واقتحم السلطان البلد بكافة عساكره وتواقع الناس
(٢٥٧)