عن طنجة ثامن ربيع الأولى وانتشرت قلوعهم في البحر فأجازوه وباتوا ليلة المولد الكريم بمرفأ الجبل وصبحوا العدو وأساطيلهم تناهز أربعمائة فتظاهروا في دروعهم وأسبغوا من شكتهم وأخلصوا لله عزائمهم وصدقوا مع الله نياتهم وتنادوا بالجنة شعارهم ووعظ وذكر خطباؤهم والتحم القتال ونزل الصبر ولم يكن الا كلا ولا حتى نضحوا العدو بالنبل فانكشفوا وتساقطوا في العباب فاستلحمهم السيف وغشيهم اليم وملك المسلمون أساطيلهم ودخلوا مرفأ الجزيرة وفرضتها عنوة فاختل معسكر الطاغية وداخلهم الرعب من إجازة الأمير أبى يعقوب ومن معه من الحامية فأفرج لحينه عن البلد وانتشرت النساء والصبيان بساحته وغلبت المقاتلة كثيرا من العسكر على مخلفهم فغنموا من الحنطة والإدام والفواكه ما ملا أسواق لبلد أياما حتى وصلتها الميرة من النواحي وأجاز الأمير أبو يعقوب من حينه فأرهب العدو في كل ناحية وصده عن الغزو شأن الفتنة مع ابن الأحمر فرأى أن يعقد مع الطاغية سلما ويصل به لمنازلة غرناطة يدا وأجابه إلى ذلك الطاغية رهبة من بأسه وموجدة على ابن الأحمر في مدد أهل الجزيرة وبعث أساقفته لعقد ذلك فأجازهم الأمير أبو يعقوب إلى أبيه أمير المسلمين فغضب لها ونكر على ابنه وزوى عنه وجه رضاه ورجعهم إلى طاغيتهم مخفقي السعي وأجاز أبو يعقوب بن السلطان إلى أبيه ومعه وفد أهل الجزيرة فلقوا السلطان بمكانهم من السوس وولى عليهم ابنه أبا زيان فنزل بالجزيرة وأحكم العقدة مع الطاغية ونازل المريلة من طاعة ابن الأحمر برا وبحرا فامتنعت عليه وانضوى إليه أهل الحصون الغربية بطاعتهم حذرا من الطاغية فتقبلهم ثم جاءه المدد من المغرب ونازل رقدة فامتنعت والطاغية أثناء ذلك يجوس خلال الأندلس ونازل ابن الأحمر بغرناطة مع بنى اشقيلولة وابن الدليل ثم راجع ابن الأحمر مسالمة بنى مرين وبعث لابي زيان بن السلطان بالصلح واجتمع معه بأحواز مريلة كما نذكر بعد ولما ارتحل السلطان من معسكره على جبل السكسيوى يريد السوس ثم أغزى العساكر ورجع من طريقه إلى مراكش حتى إذا انقضت غزاة البربر رجع إلى فاس وبعث خطابه إلى الآفاق مستنفرا في الجهاد وفصل في رجب من سنة ثمان وسبعين حتى انتهى إلى طنجة وعاين ما اختل من أحوال المسلمين في تلك الفترة وما جرت إليه فتنة ابن الأحمر من اعتزاز الطاغية وما حدثته نفسه من التهام الجزيرة الأندلسية ومن فيها وظاهره على ابن الأحمر منافسوه في رياسته ببني اشقيلولة فاستجره الرئيس أبو الحسن بن أبي إسحاق صاحب وادى آش ونازل معه غرناطة سنة تسع وسبعين خمسة عشر يوما ثم أفرجوا ولقيهم عساكر غرناطة من زناتة بعد ذلك من سنتهم وغلبهم طلحة بن محلى وتاشفين بن معطى كبير
(٢٠٣)