أيامها وكان بين يغمراسن بن زيان وأبى يحيى بن عبد الحق فيها وقائع ومشاهد نقلنا بعضها من كل واستظهر الموحدون بيغمراسن عليه في بعضها وكان الغلب أكثر ما يكون لابي يحيى عبد الحق لوفور قبيله إلا أن يغمراسن كان يتصدى لمقاومته في سائر وقائعه ولما طمس أثر بنى عبد المؤمن واستولى يعقوب بن عبد الحق على ملكهم وصارت جملته عساكرهم وتضاعف عليه وأسف على ملك يغمراسن ملكه وجمع له فأوقع به في تلاغ الواقعة المعروفة ثم أوقع به ثانية وثالثة ولما استوت قدم يعقوب بن عبد الحق في ملكه واستكمل فتح المغرب وسائر أمصاره وكبح يغمراسن عن التطاول إلى مقاومته ووهن قواه بفل جموعه ومنازلته في داره ومظاهرة أقتاله من زناتة بنى توجين ومغراوة عليه فانصرف بعد ذلك إلى الجهاد فكان له فيه شغل عما سواه كما نقلناه في أخباره ولما انصرف ارتاب بن الأحمر بمكان السلطان يعقوب بن عبد الحق من الأندلس وحذره على ملكه وتظاهر مع الطاغية على منعه من الإجازة إلى عدوتهم ثم خشوا أن لا يستقلوا بمدافعته فراسلوا يغمراسن في الاخذ بحجزته وأجابهم إليها وجرد عزائمه لها واتصلت أيديهم في التظاهر عليه ثم فسد ما بين ابن الأحمر والطاغية ولم يكن له بد من ولاية يعقوب بن عبد الحق فتولى بواسطة ابنه يوسف بن يعقوب كما ذكرناه وأطلعوه على خب ء يغمراسن في مظاهرتهم فأغزاه سنة تسع وسبعين وهزمه بخرزونة ونازله بتلمسان ووطأ عدوه من بنى توجين بساحته كما ذكرناه ثم انصرف إلى شأنه من الجهاد وهلك يغمراسن بن زيان على تفيئة ذلك سنة احدى وثمانين وأوصى ابنه عثمان ولى عهده زعموا أن لا يحدث نفسه بمقاومة بنى مرين ومساماتهم في الغلب وأن لا يبرز إلى لقائهم بالصحراء وان يلوذ منهم بالجدران متى سموا إليه وألقى إليه زعموا أن بنى مرين بعد تغلبهم على مراكش وانضياف سلطان الموحدين إلى سلطانهم ازدادت قوتهم وتضاعف غلبهم وقال له زعموا فيما أوصاه ولا يغرنك انى رجعت إليهم بعدها وبرزت إلى لقائهم فانى أنفت ان أرجع عن مقاومتهم بعد اعتيادها وأترك مبارزتهم وقد عرفها الناس وأنت لا يضرك العجز عن مبارزتهم والنكول عن لقائهم فليس لك في ذلك مقام معلوم ولا عادة سالفة واجهد جهدك في التغلب على إفريقية وراءك فان فعلت كانت المناهضة وهذه الوصاة زعموا هي التي حملت عثمان وبنيه من بعده على طلب ملك إفريقية ومنازلة بجاية وحربهم مع الموحدين ولما هلك يغمراسن ذهب ابنه إلى مسالمة بنى مرين فبعث أخاه محمد إلى السلطان يعقوب بن عبد الحق وأجاز البحر إليه بالأندلس ووافاه بأركش في اجازته الرابعة سنة أربع وثمانين فعقد له ما جاء إليه من السلم والمهادنة ورجعه إلى أخيه وقومه ممتلئا كرامة وسرورا وهلك
(٢١٤)