في العساكر فجاس خلاله ثم انكفأ راجعا وخطب قبائل المغرب كافة بالنفير فتباطأوا واستمر على تحريضهم ونهض إلى رباط الفتح وتلوم بها في انتظار الغزاة فتثبطوا فخف في خاصته وحاشيته واحتل بالفرضة من قصر المجاز وتلاحق به الناس فأجازوا البحر واحتل بظريف أخر محرم ثم ارتحل إلى الجزيرة ثم إلى رندة ووافاه هنالك الرئيسان أبو إسحاق بن اشقيلولة صاحب قارش وأبو محمد صاحب مالقة للغزو معه وارتحلوا إلى منازلة إشبيلية فعرسوا عليها يوم المولد النبوي وكان بها ملك الجلالقة بن ادفونش فخام عن اللقاء وبرز إلى ساحة البلد محاميا عن أهله ورتب أمير المسلمين مصافه وجعل ولده الأمير أبا يعقوب في المقدمة وزحف في التعبية فأحجروا العدو في البلد واقتحموا اثرهم الوادي وأثخنوا فيهم وباتت العساكر ليلتهم يجادون في متون الخيل وقد أضرموا النيران بساحتها وارتحل من الغد إلى أرض الشرق وبث السرايا والغوازي في سائر النواحي وأناخ بجمهور العسكر عليها فلم يزل يتقرى تلك الجهات حتى أباد عمرانها وطمس معالمها ودخل حصن قطيانة وحصن جليانة وحصن القليعة عنوة وأثخن في القتل والسبي ثم ارتحل بالغنائم والأثقال إلى الجزيرة لسرار شهره فأراح وقسم الغنائم في المجاهدين ثم خرج غازيا إلى شريش منتصف ربيع الآخر فنازلها وأذاقها نكال الحرب وأقفر نواحيها وقطع أشجارها وأباد خضراءها وحرق ديارها ونسف آثارها وأثخن فيها بالقتل والأسر وبعث ولده الأمير أبا يعقوب في سرية من معسكره للغوار على إشبيلية وحصون الواد فبالغ في النكاية واكتسح حصن روطة وشلوقة وغليانة والقناطير ثم صبح إشبيلية بمقاره فاكتسحها وانكفأ إلى أمير المسلمين فقفلوا جميعا إلى الجزيرة وأراح وقسم في المجاهدين غنائمهم ثم ندب إلى غزو قرطبة ورغبهم في عمرانها وثروة ساكنها وخصب بلادها فانعطفوا إلى اجابته وخاطب ابن الأحمر يستنفره وخرج لأول جمادى من الجزيرة ووافاهم ابن الأحمر بناحية أرشدونة فأكرم وصوله وشكر حفوفه إلى الجهاد وبداره ونازلوا حصن بنى بشير فدخله عنوة وقتلت المقاتلة وسبيت النساء ونفلت الأموال وخرب الحصن ثم بث السرايا والغارات في البسائط فاكتسحها وامتلأت الأيدي وأثرى العسكر وتقروا المنازل والعمران في طريقهم حتى احتلوا بساحة قرطبة فنازلوها وانحجرت حامية العدو من وراء الأسوار وانبثت بعوث المسلمين وسراياه في نواحيها فنسفوا آثارها وخربوا عمرانها واكتسحوا قراها وضياعها وترددوا على جهاتها ودخل حصن بركونة عنوة ثم ارجونة كذلك وقدم بعثا إلى حيانة قاسمها حظها من الخسف والدمار وخام الطاغية عن اللقاء وأيقن بخراب عمرانها واتلاف بلده فجنح إلى السلم وخطبه من أمير المسلمين فدفعه إلى
(١٩٦)