ودليل الثالث: الاجماع المنقول في التذكرة على عدم تملك الثاني إذا ملك الأول بغير الاحياء (1)، وصرح بعدم الخلاف فيه بعض آخر أيضا (2).
والجمع بين الأخبار المتقدمة بحمل صحيحة سليمان على ما إذا ملكها الأول بغير الاحياء، وما تقدم عليها على ما إذا ملكها بالاحياء بشهادة صحيحة الكابلي، وفيها: (ومن أحيى من المسلمين أرضا فليعمرها، وليؤد خراجها إلى الإمام من أهل بيتي، وله ما أكل منها، فإن تركها أو أخربها، فأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها وأحياها، فهو أحق بها من الذي تركها، فليؤد خراجها إلى الإمام من أهل بيتي وله ما أكل، حتى يظهر القائم من أهل بيتي عليهم السلام بالسيف) الحديث.
وردها بأن الظاهر منها حكم زمان الحضور - كما يدل عليه إعطاء الخراج - وبأنها لا تدل إلا على الأحقية والأولوية، وهي أعم من الملكية.
مردود بأن قوله: (حتى يظهر القائم) صريح في إرادة العموم لزمان الغيبة أيضا، وتخصيص أداء الخراج بزمان الحضور بالدليل لا يستلزم تخصيص الباقي أيضا، والأحقية وإن كانت أعم من الملك لكن المطلوب ثبت منه كما لا يخفى.
ولا يخفى أن تلك الصحيحة وإن اختصت بما إذا كان المالك الأول ملكها بالاحياء، إلا أنها لا تدل على نفي الحكم الثابت بأدلة القول الأول في غير موردها.
نعم، لو كان دليل الثاني دالا على مطلوبه لصلحت هذه الصحيحة للجمع، لكونها أخص منها، ولكن قد عرفت عدم تماميتها.