أيام بمكة أتم بمنى وعرفة ومكة حتى يخرج من مكة مسافرا فيقصر (1)، انتهى.
وأنت خبير بأن دعوى الاجماع على العموم مع عدم الثبوت في خصوص الموارد لا معنى لها، إذ هو من الأدلة القطعية ولا يقبل التخصيص. وقد ظهر من عبارة الشيخ هذه والمتأخرين بعده (2) أنهم يضمون الذهاب إلى الإياب، فكيف يدعى الاجماع على ذلك؟ وقد ذكرنا لك أن منشأ توهمه ما ذا.
وكأني بمن لا يتأمل في الكلام فيبادر ويقول بأن مخالفة معلوم النسب غير مضرة في الاجماع، وليس غرضي القدح في ذلك بسبب نفس وجود المخالف، بل أقول:
إن ما ذكرته قرائن لكون تلك الدعوى توهما، فافهم.
وبالجملة فالأرجح في المسألة التمام إلا إذا قصد مسافة ولو بانضمام ما بقي من الذهاب إلى العود، والاحتياط مما لا ينبغي تركه في أمثال هذه المواضع.
ثم إن رجع ناوي الإقامة عن قصده رجع إلى التقصير ما لم يصل فريضة تامة بلا خلاف في ذلك، وادعوا عليه الاجماع (3)، ونطقت به صحيحة أبي ولاد (4).
وأما لو عن له الرجوع في الأثناء، فقيل: يرجع إلى التقصير، لعدم إتمامه الفريضة (5).
وقيل: لا يرجع، لأن الصلاة على ما افتتحت عليه (6).
وقيل: يرجع إن لم يتجاوز محل القصر، لأنه لم يصل صلاة تامة، ومع التجاوز يلزم إبطال العمل المنهي عنه لو رجع فيتم، فيصدق أنه صلى صلاة تامة (7).