الباعثة على جعله.
فربما يتوهم: أن هذا المعنى من الاقتضاء لا ينافي جزئية اليقين لموضوع الحكم، فيكون المتيقن الذي يجب ابقائه أعم من أن يكون متقوما باليقين أولا فيكون الجري على مقتضى الحكم الذي هو باقتضاء موضوعه ابقاء للحكم ولموضوعه عملا ويندفع بالفرق بين هذا الموضوع، وسائر الموضوعات، فان بقاءها، وبقاء حكمها مشكوك بعد تيقنهما، فيكون الجري على وفقهما ابقاء وتركه نقضا لهما عملا بالشك، بخلاف الموضوع المتقوم باليقين، فان الموضوع التام بعد زوال اليقين وتبدله بالشك مقطوع الارتفاع، فليس رفع اليد - عن الحكم عملا - نقضا له.
بالشك، بل باليقين بزوال موضوعه التام وأما إجراء الاستصحاب - في الجزء الاخر - بلحاظ الأثر التعليقي المرتب عليه، عند انضمام ما نزل منزلة اليقين بالواقع - فعلا - إليه، ففيه كلام قد تعرضنا له في مباحث القطع، فراجع (1) ومنها: أن حرمة نقض اليقين في نفسها، هل تعم الشبهة الحكمية والموضوعية؟ أم يختص بالأولى؟ أم يختص بالثانية بلحاظ موردها؟
ولا يخفى عليك أن نقض اليقين وإن كان أعم مما إذا تعلق اليقين بالحكم أو بالموضوع والموضوع وإن كان قابلا للتنزيل، كالحكم، الا أن نقض اليقين بالحكم اسناد له إلى ما هو له، فان الفعل مما يكون ابقاء عملا لليقين بوجه، وللمتيقن بوجه اخر.
وإسناد نقض اليقين إلى الموضوع اسناد إلى غير ما هو له، لان اليقين بالموضوع، لا باعثية له بنفسه، بل بلحاظ انبعاث اليقين بحكمه منه، والموضوع المتيقن لا اقتضاء تشريعي له، بل لحكمه.