الوجوب بلسان بقاء اليقين بالوجوب فان الثاني يكون التلازم فيه بواسطة أن بقاء الكاشف يلازم بقاء المنكشف دون الأول ويندفع بأن الملازمة ليست بين جعل الحكم المماثل، وبقاء مماثلة بل بين فعل صلاة الجمعة، وعنوان ابقاء اليقين بالذات، وبين الامر الحقيقي والامر التمهيدي العنواني بالتبع.
ومن الواضح أن الوجوب المتيقن، له من الاقتضاء لفعل صلاة الجمعة مثلا (نحو)، ولنفس اليقين به نحو اخر من الاقتضاء، فان اقتضاء الايجاد للفعل، اقتضاء تشريعي، واقتضاء اليقين بالوجوب - لما تعلق به - اقتضاء خارجي فالأول باعث تشريعي والثاني باعث تكويني.
وعليه ففعل الصلاة - بعد زوال اليقين السابق - إظهار لبقاء الوجوب، حيث لا مقتضى تشريعا له سواه، كما أنه إظهار اليقين به، حيث لا مقتضى خارجا غيره.
ومنه يتضح أن الفعل قابل لان يكون ابقاء عمليا لليقين بالوجوب، ولأن يكون ابقاء عمليا للوجوب المتيقن، وبعد قبوله لكلا الامرين، لا موجب لصرف نقض اليقين عملا إلى نقض المتيقن عملا. مع أنه هناك شواهد على إرادة الانتقال من حرمة نقض اليقين عملا، لا من حرمة نقض المتيقن عملا. فمن الشواهد - ما قدمناه أنفا - من أن الاخبار إذا كانت متكفلة للحجية - فلا محالة - إما يراد منها الوساطة في التنجز، وليس هو الا اليقين السابق، دون الكون السابق، وإما يراد منها الوساطة في الاثبات عنوانا، وليس الا اليقين السابق.
إذا الكون السابق ليس بقاؤه عنوانا واسطة في اثبات بقائه، وليس مفاد الاخبار الا حرمة النقض، فلا يناسب وساطة الكون السابق عنوانا لبقائه.
وبعبارة أخرى يصح التعبد بالحكم المماثل بلسان ابقاء الواسطة في اثباته عنوانا، وهو اليقين السابق.
وأما الكون السابق، فلم يكن واسطة في اثبات نفسه حتى يصح التعبد بمماثله بلسان ابقاء الواسطة في اثباته.