الفعل، بل الفعل ما به الظهور، والاظهار لا عينهما - كما لا يخفى - الا أنك عرفت سابقا أن قضية (لا تنقض) إذا كانت كنائية، لا موجب لجعل النقض عمليا، بل يمكن جعله حقيقيا عنوانا.
بيانه: أن الايجاب - كما عرفت - له اقتضاء تشريعي للفعل، واليقين بالوجوب له اقتضاء تكويني للفعل، والفعل من مقتضيات الايجاب - بمعنى - ومن مقتضيات اليقين - بمعنى اخر - فله الكاشفية عن أحد المقتضين.
والفرق بين الوجهين: أن الأول أمر باللازم للانتقال إلى الامر بملزومه، والثاني أمر بالملزوم للانتقال إلى الامر بلازمه، فيمكن أن يجعل النهي - عن نقض اليقين - نهيا عن النقض العملي، وهو الترك الكاشف عن عدم اليقين الباعث للعمل.
ويمكن أن يجعل النهي - عن نقض اليقين - نهيا عن حله حقيقة في مقام النهي عن ترك مقتضاه، إذ مع حله لا مقتضى للعمل، وحيث أن النهي عن النقض كنائي، لم يتعلق به إرادة جدية، فليس طلب ترك نقضه الحقيقي - عنوانا وكناية وتوطئة للانتقال إلى حرمة ترك مقتضاه - طلب أمر محال جدا. ومع هذا فصرف النقض الظاهر في الحقيقي إلى النقض العملي بلا موجب، فتدبر جيدا.
ومنها: أنه هل اليقين المأخوذ في موضوع الحكم، كاليقين الذي هو طريق إلى الحكم أو إلى موضوعه من حيث شمول أخبار الباب له؟ أم يختص بالثاني؟
فنقول: أما إذا أريد نقض اليقين بعنوان الكناية، فقد عرفت أن وجه التلازم اقتضاء اليقين للباعثية للعمل، فيكون العمل من مقتضيات اليقين، فيكون ابقاء عمليا لليقين، وتركه نقضا عمليا له.
واليقين المأخوذ في الموضوع مقوم لموضوع الحكم لا باعثية له للجري على وفقه خارجا، ليكون كاليقين الذي هو طريق إلى الحكم بلا واسطة أو بواسطة تعلقه بموضوع الحكم وأما إذا أريد نقض المتيقن، فالتلازم لأجل اقتضاء المتيقن تشريعا للعمل، إما بلا واسطة كالحكم أو بواسطة كالموضوع، فإنه يقتضي الحكم لما فيه من الفائدة