ترتب الحكم المختار على وجوب الالتزام شرعا حتى لا يكون مجال لاستصحاب المترتب مع استصحاب المترتب عليه، بل الأمر بالعكس، إذ نسبة وجوب الالتزام - إلى الحكم الملتزم به - نسبة الحكم إلى موضوع، ومع إمكان استصحاب الموضوع لا مجال لاستصحاب الحكم به.
نعم بقاء الحكم المختار على حاله - حتى بعد رفع اليد عنه بعدم الالتزام به - ملازم لعدم بقاء وجوب الالتزام تخييرا، كما أن بقاء وجوب الالتزام تخييرا ملازم لعدم بقاء الحكم المختار على حاله بعد رفع اليد عنه بعدم الالتزام به.
وقد تقدم شطر من الكلام في محذور وجوب الالتزام عند تأسيس الأصل بناء على الطريقية والموضوعية، فراجع (1).
قوله: ولا تحير له بعد الاختيار... الخ.
ولا يخفى عليك أن التحير - في الحكم الواقعي - متحقق، حتى فيما إذا كان أحد الخبرين أرجح من الاخر، مع أنه لا تخيير مضافا إلى أنه لا يرتفع بالاختيار.
والتحير في الحكم العقلي في المتعادلين يرتفع بنفس العلم بالتخيير، ومثله يستحيل أن يكون عنوانا لموضوعه، كيف؟ وهو يرتفع بمجرد العلم بالحكم الفعلي فكيف يدور الحكم الفعلي مداره؟ بل هو شرط لحدوثه لا عنوان لموضوعه، بل الموضوع: من جائه الحديثان المتعارضان من دون مزية معتبرة لأحدهما على الاخر، وهو محفوظ إلى الآخر، لا ينقلب عما هو عليه بالاختيار، ولا بالعلم بالحكم الفعلي، فلا مانع من الاطلاق - إذا تمت سائر مقدماته - ولا من الاستصحاب.
وأما ما في كلام الشيخ الأعظم - قدس سره - في مقام الخدشة في الاستصحاب: من أن موضوع الحكم من لم يختر، ولم يلتزم بأحد الخبرين، فاثباته لمن اختار، والتزم بأحد الخبرين إثبات للحكم في غير موضوعه (2).