مستندا إليه، ولا حاجة إلى صدق الحكم، ولا إلى صدق الجعل المساوق للتكوين والايجاد، بل إلى مجرد الاستناد إلى الشارع، ولا اختصاص بعنوان الابقاء بطرق الوجود، بل استمرار كل مفروض على حاله في حالة أخرى بقاؤه.
وأما الثالث فمختصر القول فيه: أن استحقاق العقاب عقلا مترتب على مخالفة التكليف الواصل - اي ما قامت عليه الحجة - وعدم الوصل هنا قطعي، لا حاجة إلى تحقيق موضوعه بالتعبد، بل حقيقة التكليف الجدي منوطة عندنا بالوصول، فعدم الفعلية - هنا - قطعي، من دون حاجة إلى التعبد بعدم التكليف ظاهرا، لتحقيق عدم الفعلية، فان عدم الفعلية - واقعا - متحقق، فلا حاجة إلى التعبد المحقق له.
وقاعدة قبح العقاب بلا بيان مختصة بحيثية عدم الوصول، وعدم قيام الحجة والبيان، وأما عدم التكليف بنفسه أو عدم المخالفة - مثلا - فلا ربط لهما بقاعدة قبح العقاب بلا بيان - وعدم الاستحقاق - من جهتهما - لا دخل له بعدم الاستحقاق من جهة عدم البيان، وكما أنه مع وصول التكليف الواقعي - حقيقة أو عنوانا - لا مجال للقاعدة كذلك مع وصول عدمه - حقيقة أو عنوانا - لا مجال للقاعدة.
فعدم الاستحقاق - المرتب على استصحاب عدم التكليف - لا دخل له بعدم الاستحقاق من حيث عدم الوصول، حتى يقال: إن عدمه وجداني، بل هو من حيث عدم التكليف بنفسه، ومع ايصال عدمه، عنوانا تعبدا - لا تكليف يشك في ثبوته، ليكون لوصوله وعدم وصوله مجال، فليس مفاد القاعدة مرتبا على استصحاب عدم التكليف، ليقال بأن موضوعه ثابت لا حاجة إلى التعبد به.
وأما حكم العقل بعدم فعلية التكليف، بعدم وصوله، فهو حكم العقل النظري من باب تقوم الدعوة والباعثية عقلا بالوصول، وموضوعه التكليف، ومع ايصال عدمه - وفعلية عدمه - لا فعلية لوجوده، لا لتقوم الدعوة حينئذ بالوصول، بل لاستحالته من باب عدم إمكان داعيين فعليين فعلا وتركا، وحكم العقل حينئذ