أقول: لا يخفى أن هذين الخبرين لا ينطبقان على شئ من القولين، أما القول المشهور فظاهر وأما القول الآخر فلأنه لا خلاف بين أصحاب هذا القول - كما صرح به غير واحد من أصحابنا (رضوان الله عليهم) - في أنه لا بد في سقوط القرص الذي يجعل وقتا للغروب على هذا القول من انتفاء الحائل بين الناظر وبين موضع غروب الشمس من أفق تلك البلاد ولا ريب في أن جبل أبي قبيس حائل، وبالجملة فإن الاستدلال من صاحب الفقيه بهذين الخبرين - كما ذكره في الفقيه ومثله في كتاب المجالس وغيرهما على هذا القول حيث اختاره - من أعجب العجائب لما عرفت من الاشكال الذي ليس عنه ثمة جواب.
قال شيخنا المجلسي (قدس سره) في كتاب البحار بعد ذكر هذين الخبرين: ظاهر هذا الخبر والخبر المتقدم الاكتفاء بغيبوبة الشمس خلف الجبل وإن لم تغرب عن الأفق ولعله لم يقل به أحد وإن كان ظاهر الصدوق القول به لكنه لم ينسب إليه هذا القول ويمكن حمله على ما إذا غابت عن الأفق الحسي لكن يبقى ضوؤها على رؤوس الجبال كما نقلنا عن الشيخ في المبسوط ولعل الشيخ حملهما على هذا الوجه وليس ببعيد جدا والأولى الحمل على التقية. قال الوالد (قدس سره) في الخبر الأول الظاهر أن ذمه على صعود الجبل لأنه كان غرضه منه إثارة الفتنة بأن يقول إنهم يفطرون ويصلون والشمس لم تغب بعد وكان مظنة أن يصل الضرر إليه وإلى غيره فنهاه (عليه السلام) لذلك. ويمكن أن يكون المراد بقوله: " فإنما عليك مشرقك ومغربك " أنك لا تحتاج إلى صعود الجبل فإنه يمكن استعلام الطلوع والغروب بظهور الحمرة وذهابها في المشرق للغروب وعكسه للطلوع. وهذا الوجه جار في الخبر الأخير أيضا. انتهى كلامه. وما ذكره من حمل خبر سماعة على التقية هو الوجه الوجيه، وما نقله عن والده في معنى خبر الشحام جيد لا ريب فيه.
ومنها - وهو أصرحها في الدلالة على القول المذكور لظهوره في ذلك تمام الظهور وكان ينبغي لمن قال بذلك القول أن يستند إليه ويعول في ذلك عليه ما رواه الشيخ