فبعيد جدا لأن انحراف أوساط العراق نحو المغرب - كما ذكره شيخنا الشهيد الثاني - أزيد من انحراف الشامي نحو المشرق، ومن المقرر أن انحراف الشامي نحو المشرق قدر ثلث قوس ما بين نقطتي الجنوب والمشرق كما ذكره في شرح الألفية، ومن المعلوم أن من انحرف قدر ثلث القوس المذكور فضلا عما زاد عنها نحو المغرب يكون عند ميل الشمس إلى حاجبه الأيمن قد مضى من الزوال قدر معتد به فتدبر. انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه.
أقول: ومما يدل على هذه العلامة من الأخبار ما تقدم في حديث كتاب مجالس الشيخ المذكور في المسألة الرابعة من قوله (صلى الله عليه وآله): " أتاني جبرئيل فأراني وقت الظهر حين زالت الشمس فكانت على حاجبه الأيمن ".
وكيف كان فالظاهر أيضا أن الكلام في معلومية الزوال بهذه العلامة كما تقدم في العلامة الأولى من حصول الزوال قبل ذلك بمدة، قال شيخنا الشهيد الثاني (طاب ثراه) في كتاب روض الجنان بعد ذكر المصنف العلامة المذكورة ما لفظه: وهذه العلامة لا يعلم بها الزوال إلا بعد مضي زمان كثير لاتساع جهة القبلة بالنسبة إلى البعيد ومن ثم قيدها المصنف في النهاية والمنتهى بمن كان بمكة إذا استقبل الركن العراقي ليضيق المجال ويتحقق الحال والأمر باق بحاله فإن الشمس لا تصير على الحاجب الأيمن لمستقبل الركن العراقي إلا بعد زمان كثير بل ربما أمكن استخراجه للبعيد في زمان أقل منه لمستقبل الركن، والتحقيق أنه لا حاجة إلى التقييد بالركن لما ذكرناه ولأن البعيد إذا استخرج نقطة الجنوب باخراج نصف النهار صار المشرق والمغرب على يمينه ويساره كما هو أحد علامات العراقي وإن كان في هذه العلامة بحث تقف عليه في محله إن شاء الله تعالى فإذا وقف الانسان على سمت هذا الخط ظهر له ميل الشمس إذا مالت في زمان قصير يقرب من زيادة الظل بعد نقصه، وأما إذا اعتبر البعيد قبلة العراقي بغير هذه العلامة خصوصا بالنظر الدقيق الذي يخرج به سمت القبلة فإن الزوال لا يظهر حينئذ إلا بعد