أن التيمم يبيح كل ما تبيحه الطهارة المائية لقوله (عليه السلام) في صحيحة جميل (1) " إن الله تعالى جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا " وفي صحيحة حماد (2) " هو بمنزلة الماء " وفي صحيحة محمد بن مسلم (3) " قد فعل أحد الطهورين " فما ثبت توقفه على مطلق الطهارة من العبادات يجب له التيمم وما ثبت توقفه على نوع خاص منها كالغسل في صوم الجنب فالأظهر عدم وجوب التيمم له مع تعذره إذ لا ملازمة بينهما فتأمل. انتهى.
أقول: وتوضيح كلامه أن غاية ما يستفاد من الأخبار أن التيمم مبيح لما تبيحه الطهارة المائية بمعنى إنما ورد في الشرع أن لا يباح بدون الطهارة أو لا يفعله بدون الطهارة أو أنه مشروط بها كالصلاة مثلا ومس كتابة القرآن واللبث في المساجد من حيث تحريمها على المحدث وأنها لا تباح إلا بالطهارة فالتيمم مبيح لها لكونه طهارة كما دلت عليه الأخبار التي ذكرها، وأما ما ورد في الشرع بأنه لا يباح إلا بالوضوء مثلا أو الغسل مثلا أو مشروط بأحدهما أو نحو ذلك من العبارات فإباحة التيمم له غير ثابتة إلا إذا دل دليل خاص من خبر أو اجماع أو نحوهما كالغسل من الجنابة للصوم مثلا لتوقف صحة الصوم عليه على المشهور وكذا غسل الحيض والنفاس والاستحاضة بناء على القول بوجوبها للصوم، فقيام التيمم في ذلك مقام الغسل يحتاج إلى دليل.
أقول: وإلى ذلك أيضا يشير كلام الشهيد في الألفية حيث نسب التيمم بدلا من الغسل للصوم إلى الأولى، قال الشهيد الثاني في الشرح: ووجه عدم الوجوب أصالة عدمه إذ لا دليل عليه ظاهرا فإن الآية في سياق الصلاة ولا نزاع في وجوب التيمم بدلا من الغسل لها. انتهى، والظاهر هو القول المشهور لعموم الأخبار التي قدمناها في صدر المسألة فإنها مكشوفة الدلالة واضحة المقالة في قيامه مقام الماء في كل موضع مشروط به سواء كان بلفظ الطهارة أو بلفظ الوضوء أو الغسل. والله العالم.