عند الطبراني. وعن عبد الرحمن بن علقمة عند أبي نعيم. قوله: فأبردوا بالصلاة أي أخروها عن ذلك الوقت وادخلوا بها في وقت الابراد، وهو الزمان الذي يتبين فيه انكسار شدة الحر ويوجد فيه برودة جهنم، يقال: أبرد الرجل أي صار في برد النهار. وفيح جهنم شدة حرها وشدة غليانها. قال القاضي عياض: اختلف العلماء في معناه فقال بعضهم:
نار جهنم فاحذروه واجتنبوا ضرره، قال: والأول أظهر. وقال النووي: هو الصواب لأنه ظاهر الحديث ولا مانع من حمله على حقيقته، فوجب الحكم بأنه على ظاهره انتهى.
ويدل عليه حديث: إن النار اشتكت إلى ربها فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء ونفس في الصيف وهو في الصحيح. وحديث: إن لجهنم نفسين وهو كذلك. والأحاديث تدل على مشروعية الابراد، والامر محمول على الاستحباب وقيل على الوجوب، حكى ذلك القاضي عياض وهو المعنى الحقيقي له. وذهب إلى الأول جماهير العلماء لكنهم خصوا ذلك بأيام شدة الحر كما يشعر بذلك التعليل. قوله: فإن شدة الحر من فيح جهنم ولحديث أنس المذكور في الباب. وظاهر الأحاديث عدم الفرق بين الجماعة والمنفرد، وقال أكثر المالكية: الأفضل للمنفرد التعجيل والحق عدم الفرق، لأن التأذي بالحر الذي يتسبب عنه ذهاب الخشوع يستوي فيه المنفرد وغيره. وخصه الشافعي بالبلد الحار، وقيد الجماعة بما إذا كانوا ينتابون المسجد من مكان بعيد، لا إذا كانوا مجتمعين أو كانوا يمشون في ظل فالأفضل التعجيل. وظاهر الأحاديث عدم الفرق، وقد ذهب إلى الاخذ بهذا الظاهر أحمد وإسحاق والكوفيون وابن المنذر، ولكن التعليل بقوله: فإن شدة الحر يدل على ما ذكره من التقييد بالبلد الحار. وذهب الهادي والقاسم وغيرهما إلى أن تعجيل الظهر أفضل مطلقا، وتمسكوا بحديث جابر بن سمرة المذكور في أول الباب وسائر الروايات المذكورة هنالك، وبأحاديث أفضلية أول الوقت على العموم كحديث أبي ذر عند البخاري ومسلم وغيرهما قال: سألت النبي الله صلى الله عليه وآله وسلم: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها. وبحديث خباب عند مسلم قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حر الرمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا أي لم يعذرنا ولم يزل شكوانا وزاد ابن المنذر والبيهقي: وقال: إذا زالت الشمس فصلوا وتأولوا حديث الابراد بأن معناه صلوا أول الوقت أخذا من برد النهار وهو أوله وهو تعسف برده.