جبريل، لأن النسخ لا يصار إليه مع إمكان الجمع، وكذلك لا يصار إلى ترجيح. ويؤيد هذا الجمع حديث: تلك صلاة المنافق وسيأتي بعد هذا الحديث، فمن كان معذور كان الوقت في حقه ممتدا إلى الغروب، ومن كان غير معذور كان الوقت له إلى المثلين، وما دامت الشمس بيضاء نقية فإن آخرها إلى الاصفرار، وما بعده كانت صلاته صلاة المنافق المذكورة في الحديث، وأما أول وقت العصر فذهب العترة والجمهور أنه مصير ظل الشئ مثله لما تقدم في حديث جبريل، وقال الشافعي: الزيادة على المثل. وقال أبو حنيفة: المثلان وهو فاسد ترده الأحاديث الصحيحة. قال النووي في شرح مسلم قال أصحابنا: للعصر خمسة أوقات:
وقت فضيلة واختيار وجواز بلا كراهة وجواز مع كراهة ووقت عذر. فأما وقت الفضيلة فأول وقتها، ووقت الاختيار يمتد إلى أن يصير ظل الشئ مثليه. ووقت الجواز إلى الاصفرار، ووقت الجواز مع الكراهة حال الاصفرار إلى الغروب، ووقت العذر وهو وقت الظهر في حق من يجمع بين العصر والظهر لسفر أو مطر، ويكون العصر في هذه الأوقات الخمسة أداء، فإذا فاتت كلها بغروب الشمس صارت قضاء انتهى. قال المصنف رحمه الله: وفيه دليل على أن للمغرب وقتين وأن الشفق الحمرة، وأن وقت الظهر يعاقبه وقت العصر، وأن تأخير العشاء إلى نصف الليل جائز انتهى. قوله: وفيه دليل على أن للمغرب وقتين استدل على ذلك بقوله في الحديث: ووقت المغرب ما لم يسقط ثور الشفق قال النووي في شرح مسلم. وذهب المحققون من أصحابنا إلى ترجيح القول بجواز تأخيرها ما لم يغب الشفق، وأنه يجوز ابتداؤها في كل وقت من ذلك، ولا يأتم بتأخيرها عن أول الوقت، وهذا هو الصحيح أو الصواب الذي لا يجوز غيره. والجواب عن حديث جبريل حين صلى المغرب في اليومين في وقت واحد من ثلاثة أوجه: أحدها أنه اقتصر على بيان وقت الاختيار ولم يستوعب وقت الجواز، وهذا جار في كل الصلوات سوى الظهر. والثاني أنه متقدم في أول الأمر بمكة وهذه الأحاديث بامتداد وقت المغرب إلى غروب الشفق متأخرة في أخر الامر بالمدينة فوجب اعتمادها. والثالث أن هذه الأحاديث أصح إسنادا من حديث بيان جبريل فوجب تقديمها انتهى. وقوله: وإن الشفق الحمرة قد أخرج ابن عساكر في غرائب مالك والدارقطني والبيهقي عن ابن عمر مرفوعا بلفظ: الشفق الحمرة فإذا غاب الشفق وجبت الصلاة ولكنه صحيح البيهقي وقفه، وقد ذكر نحوه الحاكم، وسيذكره