صلاة قبل الغروب وصلاة قبل طلوع الشمس. وقال أبو عمر: قال جماعة من أهل العلم:
إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن عليه صلاة مفروضة قبل الاسراء إلا ما كان أمر به من صلاة الليل على نحو قيام رمضان من غير توقيت ولا تحديد ركعات معلومات ولا لوقت محصور. وكان صلى الله عليه وآله وسلم يقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه، وقامه معه المسلمون نحوا من حول حتى شق عليهم ذلك، فأنزل الله التوبة عنهم والتخفيف في ذلك ونسخه وحطه فضلا منه ورحمة فلم يبق في الصلاة فريضة إلا الخمس.
والحديث يدل على أن للصلوات وقتين وقتين إلا المغرب وسيأتي الكلام على ذلك.
وعلى أن الصلاة لها أوقات مخصوصة لا تجزي قبلها بالاجماع، وعلى أن ابتداء وقت الظهر الزوال ولا خلاف في ذلك يعتد به، وآخره مصير ظل الشئ مثله. واختلف العلماء هل يخرج وقت الظهر بمصير ظل الشئ مثله أم لا؟ فذهب الهادي ومالك وطائفة من العلماء أنه يدخل وقت العصر ولا يخرج وقت الظهر، وقالوا: يبقى بعد ذلك قدر أربع ركعات صالحا للظهر والعصر أداء. قال النووي في شرح مسلم: واحتجوا بقوله (ص): فصلى بي الظهر في اليوم الثاني حين صار ظل كل شئ مثله، وصلى العصر في اليوم الأول حين صار ظل كل شئ مثله وظاهره اشتراكهما في قدر أربع ركعات، قال: وذهب الشافعي والأكثرون إلى أنه لا اشتراك بين وقت الظهر ووقت العصر، بل متى خرج وقت الظهر بمصير ظل الشئ مثله غير الظل الذي يكون عند الزوال دخل وقت العصر، وإذا دخل وقت العصر لم يبق شئ من وقت الظهر. واحتجوا بحديث ابن عمرو بن العاص عند مسلم مرفوعا بلفظ: وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر الحديث قال: وأجابوا عن حديث جبريل بأن معناه فرغ من الظهر حين صار ظل كل شئ مثله، وشرع في العصر في اليوم الأول حين صار ظل كل شئ مثله فلا اشتراك بينهما، قال: وهذا التأويل متعين للجمع بين الأحاديث، ولأنه إذا حمل على الاشتراك يكون آخر وقت الظهر مجهولا، لأنه إذا ابتدأ بها حين صار ظل كل شئ مثله لم يعلم متى فرغ منها، وحينئذ لا يحصل بيان حدود الأوقات، وإذا حمل على ذلك التأويل حصل معرفة آخر الوقت فانتظمت الأحاديث على اتفاق. ويؤيد هذا أن إثبات ما عدا الأوقات الخمسة دعوى مفتقرة إلى دليل خالص عن شوائب المعارضة، فالتوقف على المتيقن هو الواجب حتى يقوم ما يلجئ