لا ينوب عن الوضوء للمحدث وهو قول أكثر العترة، وإلى القول الأول أعني عدم وجوب الوضوء مع الغسل ودخول الطهارة الصغرى تحت الكبرى ذهب زيد بن علي، ولا شك في شرعية الوضوء مقدما على الغسل كما ثبتت بذلك الأحاديث الصحيحة.
وأما الوجوب فلم يدل عليه دليل، والفعل بمجرده لا ينتهض للوجوب، نعم يمكن تأييد القول الثاني بالأدلة القاضية بوجوب الوضوء. قوله: في أصول الشعر أي شعر رأسه ويدل عليه رواية حماد بن سلمة عن هشام عند البيهقي: يخلل بها شق رأسه الأيمن قال القاضي عياض: احتج به بعضهم على تخليل شعر اللحية في الغسل، إما لعموم قوله:
أصول الشعر وإما بالقياس على شعر الرأس. قوله: ثلاث حثيات فيه استحباب التثليث في الغسل. قال النووي: ولا نعلم فيه خلافا إلا ما انفرد به الماوردي فإنه قال:
لا يستحب التكرار في الغسل، قال الحافظ: وكذا قال الشيخ أبو علي السنجي، وكذا قال القرطبي، وحمل التثليث في هذه الرواية على أن كل غرفة في جهة من جهات الرأس.
قوله: ثم غسل رجليه يدل على أن الوضوء الأول وقع بدون غسل الرجلين. قال الحافظ: وهذه الزيادة تفرد بها أبو معاوية دون أصحاب هشام. قال البيهقي: غريبة صحيحة لكن في رواية أبي معاوية عن هشام مقال، نعم له شاهد من رواية أبي سلمة عن عائشة عند أبي داود الطيالسي وفيه: فإذا فرغ غسل رجليه ويحتمل أن يكون قوله في رواية أبي معاوية ثم غسل رجليه أي أعاد غسلهما لاستيعاب الغسل بعد أن كان غسلهما في الوضوء. وقد وقع التصريح بتأخير الرجلين في رواية للبخاري بلفظ: وضوءه للصلاة غير رجليه وهو مخالف لظاهر رواية عائشة. قال الحافظ: ويمكن الجمع بينهما إما بحمل رواية عائشة على المجاز، وإما بحملها على حالة أخرى، وبحسب اختلاف هاتين الحالتين اختلفت أنظار العلماء، فذهب الجمهور إلى استحباب تأخير غسل الرجلين في الغسل، وعن مالك إن كان: المكان غير نظيف فالمستحب تأخيرهما وإلا فالتقديم، وعند الشافعية في الأفضل قولان قال النووي: أصحهما وأشهرهما ومختارهما أن يكمل وضوءه، قال: لأن أكثر الروايات عن عائشة وميمونة كذلك. قوله: ثم أفاض الإفاضة الإسالة وقد استدل بذلك على عدم وجوب الدلك، وعلى أن مسمى غسل لا يدخل فيه الدلك، لأن ميمونة عبرت بالغسل وعبرت عائشة بالإفاضة والمعنى واحد. والإفاضة لا دلك فيها فكذلك الغسل. وقال المازري: لا يتم الاستدلال بذلك لأن أفاض بمعنى غسل، والخلاف