شيئا لم تكن تفعله، فقال: عمدا فعلته أي لبيان الجواز، واستدل الدارمي في مسنده على ذلك بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا وضوء إلا من حدث فالحق استحباب الوضوء عند القيام إلى الصلاة، وما شكك به صاحب المنار في ذلك غير نير، فإن الأحاديث مصرحة بوقوع الوضوء منه صلى الله عليه وآله وسلم لكل صلاة إلى وقت الترخيص، وهو أعم من أن يكون لحدث ولغيره. والآية دلت على هذا وليس فيها التقييد بحال الحدث، وحديث: لولا أن أشق على أمتي لامرتهم عند كل صلاة بوضوء ومع كل وضوء بسواك عند أحمد من حديث أبي هريرة مرفوعا من أعظم الأدلة على المطلوب وسيذكر المصنف هذا الحديث في باب فضل الوضوء لكل صلاة. وقد أخرج الجماعة إلا مسلما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يتوضأ عند كل صلاة زاد الترمذي: طاهرا وغير طاهر وفي حديث عدم التوضؤ من لحوم الغنم دليل على تجديد الوضوء على الوضوء لأنه حكم صلى الله عليه وآله وسلم بأن أكل لحومها غير ناقض، ثم قال للسائل عن الوضوء إن شئت: وقد وردت الأحاديث الصحيحة في فضل الوضوء كحديث: ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء أخرجه مسلم وأهل السنن من حديث ابن عقبة بن عامر. وحديث: إنها تخرج خطاياه مع الماء أو مع آخر قطر الماء عند مسلم ومالك والترمذي من حديث أبي هريرة. وحديث: من توضأ نحو وضوئي هذا غفر له ما تقدم من ذنبه وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة أخرجه الشيخان من حديث عثمان. وحديث: إذا توضأت اغتسلت من خطاياك كيوم ولدتك أمك عند مسلم والنسائي من حديث أبي أمامة وغير ذلك كثير، فهل يجمل بطالب الحق الراغب في الاجر أن يدع هذه الأدلة التي لا يحتجب أنوارها على غير أكمه، والمثوبات التي لا يرغب عنها إلا أبله ويتمسك بأذيال تشكيك منهار وشبهة مهدومة هي مخافة الوقوع بتجديد الوضوء لكل صلاة من غير حدث في الوعيد الذي ورد في حديث: فمن زاد فقد أساء وتعدى وظلم بعد أن يتكاثر الأدلة على أن الوضوء لكل صلاة عزيمة، وأن الاكتفاء بوضوء واحد لصلوات متعددة رخصة، بل ذهب قوم إلى الوجوب عند القيام للصلاة كما أسلفنا، دع عنك هذا كله، هذا ابن عمر يروي أن رسول الله (ص) قال: من توضأ على طهر كتب الله له به عشر حسنات أخرجه الترمذي
(٢٥٨)