عاد فهو القئ. وفي النهاية: القلس ما خرج من الجوف ثم ذكر مثل كلام الخليل.
والحديث استدل به على أن القئ والرعاف والقلس والمذي نواقض للوضوء، وقد تقدم ذكر الخلاف في القئ والخلاف في القلس مثله. وأما الرعاف فهو ناقض للوضوء، وقد ذهب إلى أن الدم من نواقض الوضوء القاسمية وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وأحمد بن حنبل وإسحاق وقيدوه بالسيلان، وذهب ابن عباس والناصر ومالك والشافعي وابن أبي أوفى وأبو هريرة وجابر بن زيد وابن المسيب ومكحول وربيعة إلى أنه غير ناقض استدل الأولون بحديث الباب ورد بأن فيه المقال المذكور، واستدلوا بحديث بل من سبع الذي ذكرناه في الحديث الذي قبل هذا، ورد بأنه لم يثبت عند أحد من أئمة الحديث المعتبرين. وبالمعارضة بحديث أمس الذي سيأتي. وأجيب بأن حديث أنس حكاية فعل فلا يعارض القول ولكن هذا يتوقف على صحة القول ولم يصح.
وقد أخرج أحمد والترمذي وصححه وابن ماجة والبيهقي من حديث أبي هريرة:
لا وضوء إلا من صوت أو ريح قال البيهقي: هذا حديث ثابت. وقد اتفق الشيخان على إخراج معناه من حديث عبد الله بن زيد، ورواه أحمد والطبراني من حديث السائب بن خباب بلفظ لا وضوء إلا من ريح أو سماع وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وذكر حديث شعبة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا: لا وضوء إلا من صوت أو ريح فقال أبي: هذا وهم اختصر شعبة متن الحديث وقال: لا وضوء إلا من صوت أو ريح ورواه أصحاب سهيل بلفظ: إذا كان أحدكم في الصلاة فوجد ريحا من نفسه فلا يخرج حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا وشعبة إمام حافظ واسع الرواية، وقد روى هذا اللفظ بهذه الصيغة المشتملة على الحصر، ودينه وإمامته ومعرفته بلسان العرب يرد ما ذكره أبو حاتم، فالواجب البقاء على البراءة الأصلية المعتضدة بهذه الكلية المستفادة من هذا الحديث، فلا يصار إلى القول بأن الدم أو القئ ناقض إلا لدليل ناهض، والجزم بالوجوب قبل صحة المستند كالجزم بالتحريم قبل صحة النقل، والكل من التقول على الله بما لم يقل. ومن المؤيدات لما ذكرنا حديث: أن عباد بن بشر أصيب بسهام وهو يصلي فاستمر في صلاته عند البخاري تعليقا وأبي داود وابن خزيمة، ويبعد أن لا يطلع النبي صلى الله عليه وآله وسلم على مثل هذه الواقعة العظيمة، ولم ينقل أنه أخبره بأن صلاته قد بطلت. وأما المذي فقد صحت الأدلة في إيجابه للوضوء. وقد أسلفنا