ومذهب المحققين أنها تفيده بالمنطوق وضعا حقيقيا. قال الحافظ: ونقله شيخنا شيخ الاسلام عن جميع أهل الأصول من المذاهب الأربعة إلا اليسير كالآمدي، وعلى العكس من ذلك أهل العربية وموضع البحث عن بقية أبحاث إنما الأصول وعلم المعاني فليرجع إليهما.
الجهة الثانية الأعمال لأنه جمع محلى باللام المفيد للاستغراق وهو مستلزم للقصر لان معناه كل عمل بنية فلا عمل إلا بنية، وهذا التركيب من المقتضى المعروف في الأصول، وهو ما احتمل أحد تقديرات لاستقامة الكلام، ولا عموم له عند المحققين فلا بد من دليل في تعيين أحدها، وقد اختلف الفقهاء في تقديره ههنا، فمن جعل النية شرطا قدر صحة الأعمال، ومن لم يشترط قدر كمال الأعمال. قال ابن دقيق العبد: وقد رجح الأول بأن الصحة أكثر لزوما للحقيقة فالحمل عليها أولى، لأن ما كان ألزم للشئ كان أقرب إلى خطورة بالبال اه.
قال الحافظ: وقد اتفق العلماء على أن النية شرط في المقاصد واختلفوا في الوسائل، ومن ثم خالفت الحنفية في اشتراطها للوضوء. وقد نسب القول بفرضية النية المهدي عليه السلام في البحر إلى علي عليه السلام وسائر العترة والشافعي ومالك والليث وربيعة وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه. قوله: بالنية الباء للمصاحبة ويحتمل أن تكون للسببية بمعنى أنها مقومة للعمل فكأنها سبب في إيجاده. قال النووي: والنية القصد وهو عزيمة القلب، وتعقبه الكرماني بأن عزيمة القلب قدر زائد على أصل القصد. وقال البيضاوي:
النية عبارة عن انبعاث القلب نحو ما يراه موافقا لغرض من جلب نفع أو دفع ضرر، حالا أو مآلا، والشرع خصصه بالإرادة المتوجهة نحو الفعل لابتغاء رضاء الله وامتثال حكمه. والنية في الحديث محمولة على المعنى اللغوي ليصح تطبيقه على ما بعده وتقسيمه أحوال المهاجر فإنه تفصيل لما أجمل. والجار والمجرور متعلق بمحذوف هو ذلك المقدر، أعني الكمال أو الصحة أو الحصول أو الاستقرار. قال الطيبي: كلام الشارع محمول على بيان الشرع، لأن المخاطبين بذلك هم أهل اللسان، فكأنهم خوطبوا بما ليس لهم به علم إلا من قبل الشارع، فيتعين الحمل على ما يفيد الحكم الشرعي. قوله: وإنما لامرئ ما نوى فيه تحقيق لاشتراط النية والاخلاص في الأعمال قاله القرطبي، فيكون على هذا جملة مؤكدة للتي قبلها. وقال غيره: بل تفيد غير ما أفادته الأولى، لأن الأولى نبهت على أن العمل يتبع النية ويصاحبها فيترتب الحكم على ذلك. والثانية أفادت أن العامل لا يحصل له إلا ما نواه.
قال ابن دقيق العيد: والجملة الثانية أن من نوى شيئا يحصل له، وكل ما لم ينوه لم يحصل، فيدخل