روحا بخاريا من قبيل الأجرام الفلكية في الصفا واللطافة وهو خليفة النفس في البدن الطبيعي وبالنفس يبقى اعتداله ويتغذى بالهواء المعتدل جوهره ولما كان هذا الجوهر حاملا لقوه الحس وحركه النفسانية ومفاضا من النفس على الدوام في هذا البدن الطبيعي فأطلقوا عليه اسم النفس وقد ذكره الشيخ في بعض رسائله بلغه الفرس بهذه العبارة روح بخارى را جان گويند ونفس ناطقة را روان).
واما من قال إنها ليست هي النفس بل إن محركها هو النفس وهي فيها وتدخل البدن بدخولها فكلام حق لا غبار عليه ويرجع إلى ما أولنا به الكلام السابق عليه فيتوافقان من غير تناقض.
واما من قال إن النفس نار وان هذه النار دائمه حركه فلم يرد بها هذه النار الأسطقسية بل في الوجود نار أخرى هي حرارة جوهرية يتصرف في الأجسام بالإحالة والتحليل وهي الطبيعة (1) وفوقها نار النفس الأمارة بالشهوة والغضب وهي التي تطلع على الأفئدة كما أشير إليها في الكتاب الإلهي وإذا كسرت سورتها بفعل الطاعات والرياضات صارت النار نورا والنفس الأمارة مطمئنة.
واما السالكون مسلك الادراك فقولهم إن الشئ انما يدرك ما سواه لأنه متقدم عليه في غاية القوة والاستقامة فان المعلوم بالذات هو الصورة الحاضرة عند المدرك وقد علمت أن ادراك الشئ هو وجوده للمدرك ووجود شئ لشئ لا يكون الا بعلاقة ذاتية بينهما وليست العلاقة الذاتية الا العلية والمعلولية ولكن نسبه الصورة المدركة إلى الذات العالمة نسبه المجعول إلى الجاعل لا نسبه الحلول والانطباع كما علمت ذلك في مباحث الوجود الذهني وفي مباحث الابصار وغيرهما.
واما جعل بعضهم النفس من الجنس الذي كان يراه المبدء اما نارا أو هواءا أو أرضا أو ماءا فلعله أراد من المبدء المبدء القريب لتدبير الأجسام وتصريفها فمن جعلها