قوله تعالى انما انا بشر مثلكم فظهر ان للنفس الانسانية تطورات وشؤونا ذاتية واستكمالات جوهرية وهي دائمه التحول من حال إلى حال ومن راجع إلى ذاته يجد ان له في كل وقت وآن شانا من الشؤون المتجددة.
واما قولهم ان المحرك الأول يكون لا محاله متحركا بذاته فهو أيضا صحيح لان مرادهم من المحرك الأول هو الفاعل المباشر للتحريك وهو اما الطبيعة أو النفس فيما له نفس وقد مر بيان هذا المطلب في مباحث القوة ومباحث حركه أي بيان ان العلة القريبة للحركة الطبيعية العرضية كالكمية والكيفية والأينية والوضعية لا بد أن تكون جوهرا متبدل الهوية والوجود وان كانت ثابت الماهية والمراد من حركه الطبيعية في قولنا هذا ما يشمل حركه النفسانية الوضعية التي في الأفلاك لأنها أيضا صادره من طبيعة الفلك التي هي نفسه باعتبار ان لها الادراك والإرادة وحركه النفسانية الكمية التي في النبات والحيوان لأن هذه الحركات طبيعية بوجه ونفسانية أيضا.
وبالجملة فما من حركه ذاتية الا ومباشرها طبيعة سارية في الجسم وهذه الطبيعة قد ثبت تجددها وتبدلها بحسب الهوية الوجودية كما علمت بالبرهان ولا ينفك جسم طبيعي من هذا الجوهر الا ان هذا الجوهر في الفلك والحيوان والنبات لا ينفك عن النفس بمعنى ان النفس كمال هذا الجوهر وتمامه لا ان الطبيعة في ما له نفس شئ له وجود والنفس فيه جوهر آخر له وجود آخر حتى يكون في شخص واحد جوهران متباينان في الوجود أحدهما طبيعة والاخر نفس فان ذلك ممتنع جدا بل كل شخص