الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٩ - الصفحة ٢٠٣
الاحساس به على الاحساس بشئ آخر أو لا يتوقف فالأول هو المحسوس الثاني والثاني هو المحسوس الأول.
أقول هذا بحسب جليل النظر واما بحسب النظر الدقيق فالمحسوس بالذات هو الصورة الحاضرة عند النفس لا الامر الخارجي المطابق لها.
وإذا عرفت ذلك فنقول ان البصر يحس بالعظم والعدد والشكل والوضع.
وحركه والسكون بتوسط اللون.
وقال قوم ان حركه غير محسوسة وان السكون غير محسوس.
واحتجوا على الأول بان الجالس على سفينة جاريه لا يحس بحركتها وان كانت في غاية السرعة.
وعلى الثاني بان السكون امر عدمي فكيف يحس به.
واعلم أن معنى كون حركه والسكون محسوسين ان العقل بإعانة الحس يدركهما، فان الحس يدرك الجسم تارة قريبا من شئ وتارة بعيدا وهكذا على التدريج فيحكم العقل بان ذلك الجسم متحرك خارج من القوة إلى الفعل واما معنى خروج الشئ من القوة إلى الفعل فليس من مدركات الحس لأنه امر نسبي إضافي وكذا الحس يدرك جسما واقفا في مكانه غير زائل فالعقل يحكم باتصافه بالاستقرار وعدم الانتقال وليس للحس ان يدرك استقرار الجسم أو غير انتقاله وزواله عن المكان الأول لان الأول إضافي، والثاني عدمي وشئ من الأمور الإضافية والعدمية ليس من مدركات الحس ولذلك راكب السفينة لما لم يدرك حسه باختلاف أوضاع السفينة وقربها وبعدها بالنسبة إلى جسم آخر خارج عنه لم يشعر بالحركة فيشبه ان يكون ادراك حركه والسكون أمرا ذهنيا بشركه الحس كالبصر.
واما اللمس فيدرك أيضا جميع الأمور المعدودة (1) بتوسط ادراك الصلابة واللين

(1) ومن المشتركات للكل الجهة حتى الذوق إذا وصل إليه طعم من جهة الخارج أو من جهة الحلقوم فيفرق بينهما واما العظم المقداري ففي غير البصر واللمس ادراكه بالعرض مشكل س ره.
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»
الفهرست