إذ لها حظ من الملكوت والتجرد ولو قليلا (1) فظهر ان كون الكمال الأول للجسم الطبيعي مما تفعل بالإله خاصيته النفسية فكل قوه لجسم طبيعي من شانها ان تفعل فعلا باستخدام قوه أخرى تحتها فهي عندنا نفس وهذا الحد أعني قولنا كمال أول لجسم طبيعي آلي جامع لسائر النفوس إذ ليس المراد بالإله المذكورة في تحديد النفس ما هو كالأعضاء بل ما هو كالقوى مثل العاذية والنامية والمولدة في النفس النباتية والخيال والحس والقوة الشوقية في الحيوان لا مثل المعدة والكبد والقلب والدماغ والعصب فيه فعلى هذا القول النفس الفلكية داخله في هذا الحد لصدق مفهوم الآلي عليها بالبرهان وذلك لان البرهان قائم عندنا على أن الفلك مع كونه ذا نفس دراكة للعلوم فهو أيضا (2) ذو قوه طبيعية مباشره للتحريك وله أيضا قوه حساسة لا كالتي في هذه الحيوانات حيث يكون بانفعال يطرء لاله الحس وأيضا يكون في بعض مواضع أبدانها قوه الحس وفي بعضها قوه أخرى ولا كذلك مادة الفلك لبساطته فالفلك كله خيال وكله طبيعة محركه وضعية من جنس الطبيعة (3) الخامسة وكله حس لكن قوه الحس وحركه دون قوه الخيال وقوة الادراك الكلى ان كانت.
وبهذا يندفع الاشكال الذي استصعب المتأخرون حله وهو ان الحد المذكور ولا حد آخر أيضا لا يمكن ان يتناول النفوس الثلاثة أعني النباتية والحيوانية والفلكية فانا ان أعطيناها اسم النفس لأنها كمال تفعل فعلا ما فقط لزم ان يكون كل قوه نفسا فيكون الطبائع كلها نفوسا وذلك مخالف لما أطبق عليه المتقدمون من العلماء.