موصوفه بأنها آله للنفس بل كانت بمنزله صوره أو كمال أول كسائر القوى الحيوانية أو النباتية التي تحدث قبل النفس الانسانية فان الصورة الحيوانية بل التي قبلها أي الصورة النباتية إذا حدثت في مادة البدن لا شبهه في أنها تفعل أفاعيلها لا على سبيل التوسيط بل على وجه الاستقلال والرئاسة ثم إذا اشتد كماله وقويت ذاته وبلغت إلى مقام الناطقة متحدة معها استحالت ذاتها مقهورة مطيعة لأمر الله وفعلت ما كانت تفعل خدمه وطاعة لهذا الجوهر العالي وهو المراد بقوله يتحد نوعا من الاتحاد لان النفس الانسانية هي بعينها تدرك الكليات والجزئيات وتحس وتحرك وتغذو وتنمو وتولد وتحفظ المزاج وبالجملة تفعل بذاتها جميع ما فعلت الصورة الجمادية والنفس النباتية والنفس الحيوانية فهي بوحدتها كل هذه الجواهر التي توجد في الخارج كل منها نوعا مستقلا تاما في هويته وذاته وقوله فوجب ان يكون في تلك المادة استعدادات مختلفه تتحد معها على ضرب من الوحدة وهي كيفية المزاج لم يرد به ان في المنى استعداد فيضان جميع هذه القوى والآلات النفسانية ولوازمها ابتداءا في أول الكون حتى يرد (1) عليه ان استعداد النطفة لقبول النفس الناطقة وقواها لا يحصل الا بعد صيرورتها بدنا انسانيا وصيرورتها بدنا انسانيا لا يحصل الا بعد وجود هذه القوى والآلات واللوازم وقد علمت (2) مما ذكر مرارا ان الامكانات والاستعدادات القريبة ابدا تابعه للصور والكيفيات الموجودة بالفعل فما به الاستعداد والقوة شئ غير نفس الاستعداد والقوة وغير المستعد له والمقوى عليه لكن يجب ان يكون مناسبا إياه وواقعا في طريقه كاجزاء حركه كل سابق منها يوجب استعداد اللاحق فمراده ان (3) المنى جوهر من شانه ان يصير بتوارد الانفعالات والتقلبات ان يطرء عليه
(١٢٤)