للضرورة وبعضها للراحة والفضيلة والزينة كأشفار العينين وسواد الحاجبين وتقعير أخمص القدمين لا يمكن أن تكون منسوبة إلى المادة المنوية لما علمت من الوجوه المذكورة ولا إلى قوه سفليه كالطبائع الجسمانية لان فعل الطبيعة لا يكون الا على نمط واحد ونحو غرض واحد أو غرضين ولا يمكن فيها فنون الاغراض وصنوف الدواعي والقصود بل لا بد وان ينسب إلى أمور نفسانية منبعثة من اغراض علوية مؤديه إلى عالم عقلي وسر سبحاني بل نقول من رأس قولا كليا ان السبب الفاعلي لبدن الحيوان اما ان يكون أمرا عديم العلم والادراك كالطبائع (1) وما في حكمها واما ان يكون أمرا ذا علم وادراك.
والأول محال لشهادة كل فطره سليمه على أن فاعل هذا الترتيب العجيب والنظم المحكم يستحيل أن تكون قوه عديمه الشعور.
والثاني لا يخلو اما ان يكون هو الباري بلا واسطه أم لا.
والأول محال بالبراهين القطعية والأدلة النقلية لان ذاته تعالى اجل ان يفعل فعلا جزئيا متغيرا مستحيلا كائنا فاسدا ومن نسب إليه تعالى هذه الانفعالات والتجددات فهو من الذين لم يعرفوا حق الربوبية ومعنى الإلهية وما قدروا الله حق قدره أو لم يعرفوا معنى الفاعلية والتأثير وان وجود كل معلول من فاعله القريب كوجود الضوء من المضئ والكلام من المتكلم لا كوجود البناء من البناء ولا شك لمن له قدم راسخ في العلم الإلهي والحكمة التي هي فوق العلوم الطبيعية ان الموجودات كلها من فعل الله بلا زمان ولا مكان ولكن بتسخير القوى والنفوس والطبائع وهو المحيى والمميت والرازق والهادي والمضل ولكن المباشر للاحياء ملك اسمه إسرافيل وللإماتة ملك اسمه عزرائيل يقبض الأرواح من الأبدان والأبدان من الأغذية والأغذية من التراب وللأرزاق ملك اسمه ميكائيل يعلم مقادير الأغذية