فنازل تلمسان وغلب عليها سنة أربعين وقارن ذلك ولاية السعيد علي بن المأمون إدريس بن المنصور يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن وكان شهما حازما يقظا بعيد الهمة فنظر في اعطاف دولته وفاض الملا في تثقيف أطرافها وتقويم مائلها وأثار حفائظهم ما وقع من بنى مرين في ضواحي المغرب ثم في أمصاره واستيلائهم على مكناسة وإقامتهم الدعوة الحفصية فيها كما نذكره فجهز الملوك والعساكر وأزاح عللهم واستنفر عرب المغرب وما يليه واحتشد كافة المصامدة ونهض يمن مراكش آخر سنة خمس وأربعين يريد القاصية ويشرد بنى مرين عن الأمصار الدانية؟؟ والحشود بوادي بهت وأعد السير إلى تازى فوصلته هناك طاعة بنى مرين كما نذكره ونفر معه عسكر منهم ونهض إلى تلمسان وما وراءها ونجا يغمراسن بن زيان وبنو عبد الواد بأهليهم وأولادهم إلى قلعة تامزردكت قبلة وجدة فاعتصموا بها ووفد على السعيد الفقيه عبدون وزير يغمراسن مؤديا للطاعة؟؟ في مذاهب الخدمة ومتوليا من حاجات الخليفة بتلمسان ما يدعوه إليه ويصرفه في سبيله ومعتذرا عن وصول يغمراسن فلج الخليفة في شأنه ولم يعذره وأبى الا مباشرة طاعته بنفسه وساعده في ذلك كانون بن جرمون السفياني صاحب الشورى بمجلسه ومن حضر من الملا ورجعوا عبدونا لاستقدامه فتثاقل خشية على نفسه واعتمد السعيد الجبل في عساكره وأناخ بها في ساحة؟؟ وأخذ بمخنقهم ثلاثا ولرابعها ركب مهجرا على حين غفلة من الناس في قائلة ليتطوف على المعتصم ويتقرى مكامنه فبصر به فارس من القوم يعرف بيوسف بن عبد المؤمن الشيطان كان أسف الجبل للاحتراس وقريبا منه يغمراسن ابن زيان وابن عمه يعقوب بن جابر فانقضوا عليه من بعض الشعاب وطعنه يوسف فأكبه عن فرسه وقتل يعقوب بن جابر وزيره يحيى بن عطوش ثم استلحموا لوقتهم مواليه ناصحا من العلوج وعنبرا من الخصيان وقائد جند النصارى أخو العمط ووليدا يافعا من ولد السعيد (ويقال) انما كان ذلك يوم عبى العساكر وصعد الجبل للقتال وتقدم امام الناس فاقتطعه بعض الشعاب المتوعرة في طريقه فتواثب به هؤلاء الفرسان وكان ما ذكرناه وذلك في صفر سنة ست وأربعين ووقعت النفرة في العساكر لطائر الخير فأجفلوا وبادر يغمراسن إلى السعيد وهو صريع بالأرض فنزل إليه وحياه وفداه واقسم له على البرء من هلكته والخليفة واجم بمصرعه يجود بنفسه إلى أن فاض وانتهب المعسكر بجملته وأخذ بنو عبد الواد ما كان به من الأخبية والعازات واختص يغمراسن بفسطاط السلطان فكان له خالصة دون قومه واستولى على الذخيرة التي كانت فيه منها مصحف عثمان بن عفان يزعمون أنه أخذ المصاحف التي انتسخت لعهد خلافته
(٨٢)