حسنا فإنهما أقاما مع فلفول ورجع باديس في أثره سنة حدى وتسعين وانتهى إلى بسكرة ففر فلفول إلى الرمال وكان زيرى بن عطية محاصرا لأشير أثناء هذه الفتنة فأفرج عنها ورجع عنها أبو البهار إلى باديس وقفل معه إلى القيروان وتقدم فلفول بن سعيد إلى نواحي قابس وطرابلس فاجتمع إليه من هنالك من زناتة وملك طرابلس على ما نذكره (وذلك) أن طرابلس كانت من أعمال مصر وكان العامل عليها بعد رحيل معد إلى القاهرة عبد الله بن يخلف الكتامي ولما هلك معد رغب بلكين من نزار العزيز اضافتها إلى عمله فأسعفه بها وولى عليها تمصولة بن بكار من خواص مواليه نقله إليها من ولاية بونة فلم يزل عليها إلى أن أرسل إلى الحاكم بمصر يرغب في الكون في حضرته وان يتسلم منه عمل طرابلس وكان برجوان الصقلي يستبد على الدولة وكان يغص بمكان يأنس الصقلي منها فأبعده عن الحضرة لولاية برقة ثم لما تتابعت رغبة تمصولة صاحب طرابلس أشار برجوان ببعث يأنس إليها فعقد له الحاكم عليها وأمره بالنهوض إلى عملها فوصلها سنة تسعين ولحق تمصولة بمصر وبلغ الخبر إلى باديس فسرح القائد جعفر بن حبيب في العساكر ليصده عنها وزحف إليه يأنس فكانت عليه الهزيمة وقتل ولحق فتوح بن علي من قواده بطرابلس فامتنع بها ونازله جعفر بن حبيب وأقام عليها مدة وبينما هو محاصر له إذ وصله كتاب يوسف بن عامر عامل قابس يذكر ان فلفول بن سعيد نزل على قابس وانه قاصد إلى طرابلس فرحل جعفر عن البلد إلى ناحية الجبل وجاء فلفول بن سعيد فنزل بمكانه وضاقت الحال بجعفر وأصحابه فارتحلوا مصممين على المناجزة وقاصدين قابس فتخلى فلفول عن طريقهم وانصرفوا إلى قابس وقدم فلفول مدينة طرابلس فتلقاه أهلها ونزل له فتوح بن علي عن امارتها فملكها وأوطنها من يومئذ وذلك سنة احدى وتسعين وبعث بطاعته إلى الحاكم فسرح الحاكم يحيى بن علي بن حمدون وعقد له على أعمال طرابلس وقابس فوصل إلى طرابلس وارتحل معه فلفول وفتوح بن علي بن غفيانان في عساكر زناتة إلى حصار قابس فحاصروها مدة ورجعوا إلى طرابلس ثم رجع يحيى بن علي إلى مصر واستبد فلفول بعمل طرابلس وطالت الفتنة بينه وبين باديس ويئس من صريخ مصر فبعث بطاعته إلى المهدى محمد بن عبد الجبار بقرطبة وأوفد إليه رسله في الصريخ والمدد وهلك فلفول قبل رجوعهم إليه سنة أربعمائة واجتمعت زناتة إلى أخيه وروا بن سعيد وزحف باديس إلى طرابلس وأجفل وروا ومن معه من زناتة عنها ولحق باديس من كان بها من الجند فلقوه في طريقه وتمادى إلى طرابلس فدخلها ونزل قصر فلفول وبعث إليه وروا بن سعيد يسأل الأمان له ولقومه فبعث إليه
(٤١)