الفقيه وشيخ زناتة حمو بن عبد الحق بن رحو وخاطبهم أبو سعيد ملك المغرب في اعتقاله فأجابوه وفر من محبسه ولحق بدار الحرب ولما انتقض أبو الوليد بن الرئيس أبى سعيد وبايع لنفسه بمالقة وزحف إلى غرناطة فنازلها ووقعت الحرب بظاهرها بين الفريقين وأخذ في بعض حروبهما حمو بن عبد الحق أسيرا وسيق إلى السلطان أبى الوليد وكان معه عمه أبو العباس بن رحو فأبى من إسار بن أخيه وخلا عنه فرجع إلى سلطانه فارتاب به لذلك وعقد على الغزاة مكانه لعبد الحق بن عثمان استدعاه من مكانه بدار الحرب ثم غلبهم أبو الوليد على غرناطة وتحول أبو الجيوش على وادى آش على سلم انعقد بينهم وسار معه عبد الحق بن عثمان على شأنه ثم وقعت بينه وبين أبى الجيوش مغاضبة لحق لاجلها بالطاغية وأجاز إلى سبتة فاستظهر به أبو يحيى بن أبي طالب العزفي أيام حصار السلطان أبى سعيد إياه فكان له في حماية ثغره والدفاع عنه آثار مذكورة ثم عقد السلطان أبو سعيد السلم ليحيى العز في وأفرج عنه فارتحل عبد الحق بن عثمان إلى إفريقية ونزل ببجاية سنة تسع عشرة على أبي عبد الرحمن بن عمر صاحب السلطان أبى يحيى المستبد بالثغور الغربية فأكرم نزله وأوسع قراره وضرب له الفساطيط بالزينة من ساحة البلد استبلاغا في تكريمه وحمله وأصحابه على مائة وخمسين من الخيل ثم أقدمهم على السلطان بتونس فبر مقدمهم وخلط عبد الحق بنفسه وآثره بالخلة والصحابة وأجله بمكان الاستظهار به وبعصابته ولما عقد السلطان لمحمد بن سيد الناس على حجابته سنة سبع وعشرين واستقدمه لذلك من ثغر بجاية كما ذكرناه عظمت رياسته واستغلظ حجابه وحجب عبد الحق ذات يوم عن بابه فسخطها وذهب مغاضبا وداخل أبا فارس في خروج على أخيه فأجابه وخرج به من تونس فكان من خبرهم ومقتل أبى فارس وخلوص عبد الحق إلى تلمسان ونزوله على أبي تاشفين وغزوه إلى إفريقية مع عساكر بنى عبد الواد سنة سبع وعشرين ما ذكرناه في أخبار الدولة الحفصية ثم لما رجع بنو عبد الواد إلى تلمسان صمد مولانا السلطان أبو يحيى إلى تونس في أخريات سنته وفر ابن أبي عمران السلطان المنصوب بتونس من بنى أبى حفص إلى أحياء العرب وتقبض على أبي رزيق ابن أخي عبد الحق بن عثمان في جملة من أصحابه فقتله قعصا بالرماح ورجع عبد الحق بن عثمان إلى مكانه من تلمسان فأقام بمثواه عند أبي تاشفين متبوءا من الكرامة والاعتزاز إلى أن هلك بمهلك أبى تاشفين يوم اقتحم السلطان أبو الحسن تلمسان عليهم سنة سبع وثلاثين وقتلوا جميعا عند قصر الملك أبو تاشفين وأبناء عثمان ومسعود وحاجبه موسى بن علي ونزيله عبد الحق هذا وأبو ثابت ابن أخيه فقطعت رؤسهم وتركت أشلاؤهم بساحة القصر عبرة للمعتبرين حسبما ذكرناه في أخبار
(٣٦٩)