الخطيب رديفا له في أمره وتشاركا في الاستبداد معا فجرت الدولة على أحسن حال وأقوم طريقة ثم بعثوا الوزير ابن الخطيب سفيرا إلى السلطان أبى عنان مستمدين له على عدوهم الطاغية على عادتهم مع سلفه فلما قدم على السلطان ومثل بين يديه تقدم الوفد الذين معه من وزراء الأندلس وفقهائها استأذنه في انشاد شئ من الشعر يقدمه بين يدي نجواه فأذن له وأنشد وهم قائم خليفة الله ساعد لقدر * علاك ما لاح في الدجا قمر ودافعت عنك كف قدرته * ما ليس يسطيع دفعه البشر وجهك في النائبات بدر دجا * لنا وفى المحل كفك المطر والناس طرا بأرض أندلس * لولاك ما أوطنوا ولا عمروا ومن به مذ وصلت حبلهم * ما جحدوا نعمة ولا كفروا وقد أهمتهم نفوسهم * فوجهوني إليك وانتظروا فاهتز السلطان لهذه الأبيات وأذن له في الجلوس وقال له قبل أن يجلس ما ترجع إليهم الا بجميع عطائهم ثم أثقل كاهلهم بالاحسان وردهم بجميع ما طلبوه وقال شيخنا القاضي أبو القاسم الشريف وكان معه في ذلك الوفد لم يسمع بسفير قضى سفارته قبل أن يسلم على السلطان الا هذا ومكثت دولتهم هذا بالأندلس خمس سنين ثم نازلهم محمد الرئيس ابن عم السلطان يشاركه في جده الرئيس أبى سعيد وتحين خروج السلطان إلى منتزهه خارج الحمراء وتسور دار الملك المعروفة بالحمراء فأخرجه وبايع له وقام بأمره مستبدا عليه وأحس السلطان محمد بقرع الطبول وهو بالبستان فركب باديا إلى وادى آش وضبطها وبعث بالخبر إلى السلطان أبى سالم اثر ما استولى على ملك آبائه بالمغرب وقد كان مثواه أيام أخيه أبى عنان عندهم بالأندلس واعتقل الرئيس القائم بالدولة هذا الوزير ابن الخطيب وضيق عليه في محبسه وكانت بينه وبين الخطيب ابن مرزوق مودة استحكمت أيام مقامه بالأندلس كما مر وكان غالبا على هوى السلطان أبى سالم فزين له استدعاء هذا السلطان المخلوع من وادى آش يعده زبونا على أهل الأندلس ويكف به عادية القرابة المرشحين هنا لك متى طمحوا إلى ملك المغرب فقبل ذلك منه وخاطب أهل الأندلس في تسهيل طريقه من وادى آش إليه وبعث من أهل مجلسه الشريف أبا القاسم التلمساني وحمله مع ذلك الشفاعة في ابن الخطيب وحل معتقله فأطلق وصحب الشريف أبا القاسم إلى وادى آش وسار في ركاب السلطان وقدموا على السلطان أبى سالم فاهتز لقدوم ابن الأحمر وركب في الموكب لتلقيه وأجلسه إزاء كرسيه وأنشد ابن الخطيب قصيدته كما مر يستصرخ السلطان بنصره فوعده وقد كان يوما مشهودا وقد مر ذكره ثم أكرم
(٣٣٣)