الخطيب بالحل والعقد وانصرفت إليه الوجوه وعلقت عليه الآمال وغشى بابه الخاصة والكافة وغصت به بطانة السلطان وحاشيته فتوافقوا على السعاية فيه وقد صم السلطان عن قبولها ونما الخبر بذلك إلى ابن الخطيب فشمر عن ساعده في التقويض عنهم واستخدم للسلطان عبد العزيز بن السلطان أبى الحسن ملك العدوة يومئذ في التقبض على ابن عمه عبد الرحمن بن أبي يفلوس بن السلطان أبى على كانوا قد نصبوه شيخا على الغزاة في الأندلس لما أجاز من العدوة بعد ما جاس خلالها لطلب الملك وأضرم بها نار الفتنة في كل ناحية وأحسن دفاعه الوزير عمر بن عبد الله القائم حينئذ بدولة بنى مرين فاضطر إلى الإجازة إلى الأندلس فأجاز هو ووزيره مسعود بن ماسى ونزلوا على السلطان على المخلوع أعوام سبع وستين فأكرم نزلهم وتوفى علي بن بدر الدين شيخ الغزاة فقدم عبد الرحمن مكانه وكان السلطان عبد العزيز قد استبد بملكه بعد قتله الوزير عمر بن عبد الله فغص بما فعله السلطان المخلوع من ذلك وتوقع انتقاض أمره منهم ووقف على مخاطبات ابن عبد الرحمن يسر بها بنى مرين وأغرى ابن الخطيب سلطانه بالقبض على ابن أبي يفلوس وابن ماسى فتقبض عليها وفى خلال ذلك استحكمت نفرة ابن الخطيب لما بلغه عن البطانة من القدح فيه والسعاية وربما خيل أن السلطان مال إلى قبولها وانهم قد أحفظوه عليه فأجمع النحول عن الأندلس إلى المغرب واستأذن السلطان في تفقد الثغور الغربية وسار إليها في لمة من فرسانه ومعه ابنه على الذي كان خالصة السلطان وذهب لطيته فلما حاذى جبل الفتح فرضة المجاز إلى العدوة مال إليه إذ ند بين يديه فخرج قائد الخيل لتلقيه وقد كان السلطان عبد العزيز قد أو عز إليه بذلك وجهز إليه الأسطول من حينه فأجاز إلى سبتة وتلقاه بها بأنواع التكرمة وامتثال الأوامر ثم سار لقصد السلطان فقدم عليه سنة ثلاث وسبعين بمقامته من تلمسان فاهتزت له الدولة وأركب السلطان خاصته لتلقيه وأحله بمجلسه بمحل الامن والغبطة ومن دولته بمكان الشرف والعزة وأخرج لوقته كاتبه أبا يحيى بن أبي مدين سفيرا إلى الأندلس في طلب أهله وولده فجاء بهم على أكمل الحالات من الامن والتكرمة ثم لغط المنافسون له في شأنه وأغروا سلطانه بتتبع عثراته وأبدوا ما كان كامنا في نفسه من سقطات دابته واحصاء عصابته وشاع على ألسنة أعدائه كلمات منسوبة إلى الزندقة أحصوها عليه ونسبوها إليه ورفعت إلى قاضي الحضرة الحسن بن الحسن فاسترعاها وسجل عليه بالزندقة وراجع صاحب الأندلس رأيه فيه وبعث القاضي أبو الحسن إلى السلطان عبد العزيز في الانتقام منه بتلك السجلات وامضاء حكم الله فيه فصم لذلك وأنف لذمته أن تخفر ولجواره أن يردى وقال لهم هلا انتقمتم وهو عندكم وأنتم عالمون بما كان عليه
(٣٣٥)