ببيعتهم شرقي المصلى العتيق المطل على سيجوم من ساحة البلد لعهدي بهم يومئذ وقد وضعوا له درقة بالأرض من اللمط أجلسوه عليها ثم ازدحموا مكبين على يده يقبلونها للبيعة ثم اجتمع مر بعدهم مغراوة إلى علي بن راشد وبايعوه وحفوا به وتعاهد بنو عبد الواد وسغراوة على الألفة وانتظام الكلمة وهدر الدماء وارتحلوا إلى أعمالهم بالمغرب الأوسط فنزل علي بن راشد قومه بموضع عملهم من ضواحي ثلف وتغلبوا على أمصاره وافتتحوا تدلس وأخرجوا منها أولياء السلطان وعسكره وقتلوا القاضي بما زونة سرحان كان مقيما بها لدعوة السلطان ثم سولت له نفسه التوثب والانتزاء فدعا لنفسه وقتله علي بن راشد وقومه وأجاز عبد الرحمن وقومه من بنى عبد الواد إلى محل ملكهم بتلمسان فألفوا عثمان بن جرار قد انتزى بها بعد منصرف الأمير أبى عنان ودعا لنفسه فتجهم له الناس لتوثبه على المنصب الذي ليس لأبيه واستمسك بالبلد أياما يؤمل نزوع قومه إليه ثم زحف إليه بنو عبد الواد وسلطانهم فصدقوه الزحف وثارت به الغوغاء وكسروا أبواب البلد وخرجوا إلى السلطان فأدخلوه القصر و احتل به في جمادى من سنة تسع وتسابق الناس إلى مجلسه مثنى وفرادى وبايعوه البيعة العامة ثم تفقد ابن جرار ثم أعزى به البحث فعثر عليه ببعض زوايا القصر واحتل إلى المطبق فأودع به إلى أن سرب إليه الماء فمات غريقا في هوته وساهم السلطان أبو سعيد عثمان أخاه أبا ثابت الزعيم في سلطانه وأشركه في أمره وأردفه في ملكه وجعل إليه أمر الحرب والنواحي والبدو كلها واستوز قريبه يحيى بن داود بن مكن من ولد محمد بن يندوكس بن طاع الله واستوسق ملكهم وأوفدوا مشيختهم على الأمير أبى عنان صاحب المغرب وسلطان بنى مرين فعقدوا معه السلم والمهادنة واشترطوا له عن أنفسهم دفاع السلطان إليه وزحفوا إلى وهران من ثغور أعمالهم ونازلوا بها أولياء السلطان وعساكره وعاملها يومئذ عبد الله بن أجانا من صنائع السلطان أبى الحسن إلى أن غلبوه عليها واستنزلوه صلحا لأشهر من حصارها واستمسك أهل الجزائر بطاعة السلطان واعتصموا بها وعقد عليها لقائده محمد بن يحيى بن العسكري من صنائع أبيه بعثه إليهم من تونس بعد نكبة القيروان ونجم بلمدية على ابن يوسف بن زيان بن محمد بن عبد القوى داعيا لنفسه وطالبا سلطان سلفه وامتنع عليه معقل ملكهم بجبل وانشريس لمكان ولد عمر بن عثمان وقومهم من بنى تيغرين في رياسته وانحاش إليه أولاد عزيز من بنى توجين أهل ضاحية لمدية فقاموا بأمره واعصوصبوا عليه وكانت بينه وبين أبناء عمر بن عثمان بن انشريس حرب سجال إلى أن هلك وخلص أمر بنى توجين لأبناء عمر بن عثمان وهم على مذاهبهم من طاعة السلطان وتمسكهم بدعوته وهو مقيم خلال هذا بتونس إلى أن أزمع لرحله
(٢٨١)