عليه الحاجب ابن عمر فأقام يوما أبو بعضه ثم انكفأ راجعا إلى تلمسان وردد البعوث إلى أوطان بجاية وابتنى الحصون لتجمير الكتائب فابتنى بوادي بجاية من أعلاه حصن بكر ثم حصن تامزيزدكت ثم اختط بتيكلات على مرحلة منها بلدا أسماها تامزيزدكت على اسم المعقل الذي كان لأوليهم بالجبل قبالة وجدة وامتنع يغمراسن به على السعيد كما قدمناه فاختط بلد تيكلات هذه وشحنها بالأقوات والعساكر وصيرها ثغرا لملكه وأنزل بها جنده وعقد عليها لموسى بن علي الكردي كبير دولته ودولة أبيه واستحثه أمراء الكعوب من بنى سليم لملك إفريقية حين مغاضبتهم لمولانا السلطان أبى يحيى اللحياني وأبى عبد الله محمد بن أبي بكر بن أبي عمران وأبى إسحاق بن أبي يحيى الشهيد مرة بعد أخرى كما ذكرناه في أخبارهم جميعا وكانت حروبهم سجالا إلى أن كان بين جيوش زنانة والموحدين الزحف المشهور بالرياش من نواحي مرماجنة سنة تسع وعشرين زحفت فيه إلى السلطان أبى يحيى عساكر زناتة مع حمزة بن عمر أمير بنى كعب ومن إليه من البدو وعليهم يحيى بن موسى من صنائع دولة آل يغمراسن وقد نصبوا الملك محمد بن أبي عمران ابن أبي حفص ومعهم عبد الحق بن عثمان من أعياص بنى عبد الحق في بنيه وذويه كان نزع إليهم من عند الموحدين كما ذكرناه فاختل مصاف مولانا السلطان أبى يحيى وانهزم واستولوا على فساطيطه بما فيها من الذخيرة والحرم وانتهبوا معسكره وتقبضوا على ولديه الموليين أحمد وعمر وأشخصوهما إلى تلمسان وأصيب السلطان في بدنه بجراحات أوهنته وخلص إلى بونة ناجيا برمقه وركب السفين منه إلى بجاية فأقام يدامل جراحه واستولت زناتة على تونس ودخلها محمد بن أبي عمران وسموه باسم السلطان ومقادته في يد يحيى بن موسى أمير زناتة واعتزم مولانا السلطان أبو يحيى على الوفادة على ملك المغرب السلطان أبى سعيد صريخا على آل يغمراس وأشار حاجبه محمد بن سيد الناس بإنفاذ ابنه الأمير أبى زكريا صاحب الثغر استنكافا له عن مثلها فتقبل إشارته وأركب ابنه البحر لذلك وبعث إليه معه أبا محمد عبد الله بن تاشفين من مشيخة الموحدين نافضا امامه طرف المقاصد والمحاورات ونزلوا بقساسة من سواحل المغرب وقدموا على السلطان أبى سعيد بحضرته وأبلغوه صريخ مولانا السلطان أبى يحيى فاهتز لذلك هو وابنه الأمير أبو الحسن وقال لابنه الأمير في ذلك المحفل يا بنى لقد قصدك أكبر أقوامنا وموصلك ووالله لأبذلن في مظاهرتكم مالي وقومي ونفسي ولأسيرن بعساكري إلى تلمسان فأنزلها مع أبيك فانصرفوا إلى منازلهم مسرورين وكان فيما شرطه عليهم السلطان أبو سعيد مسير مولانا السلطان أبى يحيى بعساكره إلى منازلة تلمسان معه فقبلوا ونهض السلطان أبو سعيد إلى تلمسان سنة ثلاثين ولما انتهوا إلى وادى ملوية
(٢٥١)