زهاء ثلاثة آلاف فارس وخرج إلى الصحراء شريدا سنة ثلاث وثمانين وهلك هناك فولى أمره في قومه حبوس ابن أخيه زيرى بن يعلى ووثب به ابن عمه أبو يداس بن دوناس فقتله طمعا في الرياسة من بعده واختلف عليه قومه فأخفق أمله وعبر البحر إلى الأندلس في جمع عظيم من قومه وولى أمر بنى يفرن من بعده حمامة بن زيرى بن يعلى أخو حبوس المذكور فاستقام عليه أمر بنى يفرن وقد مر ذكره في خبر بدوي غير مرة وانه كانت الحرب بينه وبين زيرى بن عطية سجالا وكانا يتعاقبان ملك فاس بتناول الغلب وانه لما وفد زيرى على المنصور خالفه بدوي إلى فاس فملكها وقتل بها خلقا من مغراوة وانه لما رجع زيرى اعتصم بدوي بفاس فنازله زيرى وعلك من مغراوة وبنى يفرن في ذلك الحصار خلق ثم اقتحمها زيرى عليهم عنوة فقتله وبعث برأسه إلى سدة الخلافة بقرطبة سنة ثلاث وثمانين والله أعلم (ولما) اجمع بنو يفرن على حمامة تحيز بهم إلى ناحية شالة من المغرب فملكها وما إليها من تاذلا واقتطعها من زيرى ولم يزل عميد بنى يفرن في تلك العمالة والحرب بينه وبين زيرى ومغراوة متصلة وكانت بينه وبين المنصور صاحب القيروان مهاداة فأهدى إليه وهو محاصر لعمه حماد بالقلعة سنة ست وأربعمائة وأوفد بهديته أخاه زاوي بن زيرى فلقيه بالطبول والبنود ولما هلك حمامة قام بامر بنى يفرن من بعده أخوه الأمير أبو الكمال تميم بن زيرى بن يعلى فاستبد بملكهم وكان مستقيما في دينه مولعا بالجهاد فانصرف إلى جهاد برغواطة وسالم مغراوة وأعرض عن فتنتهم (ولما) كانت سنة أربع وعشرين وأربعمائة تجددت العداوة بين هذين الحيين بنى يفرن ومغراوة وثارت الإحن القديمة وزحف أبو الكمال صاحب شالة وتاذلا وما إلى ذلك في جموع يفرن وبرز إليه حمامة بن المعز في قبائل مغراوة ودارت بيهم حروب شديدة وانكشفت مغراوة وفر حمامة إلى وجدة واستولى الأمير أبو الكمال تميم وقومه على فاس وغلبوا مغراوة على عمل المغرب واكتسح تميم اليهود بمدينة فاس واصطلم نعمهم واستباح حرمهم ثم احتشد حمامة من وجدة سائر قبائل مغراوة وزناتة وبعث الحاشدين في قياطينهم لجميع بلاد المغرب الأوسط ووصل إلى تنس صريخا لزعمائهم وكاتب من بعد عنه من رجالاتهم وزحف إلى فاس سنة تسع وعشرين فأفرج عنها أبو الكمال تميم ولحق ببلده ومقر ملكه من شالة وأقام بمكان عمله وموطن امارته منها إلى أن هلك سنة ست وأربعين وولى ابنه حماد إلى أن هلك سنة تسع وأربعين وولى بعده ابنه يوسف إلى أن توفى سنة ثمان وخمسين فولى بعده عمه محمد بن الأمير أبى تميم إلى أن هلك في حروب لمتونة حين غلبوهم على المغرب أجمع حسبما نذكره والملك لله يؤتيه من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين (وأما) أبو يداس بن دوناس قاتل
(٢١)