إخوانهم وكان شأنهم ذلك متى غاظهم السلطان فقد سبق في أخبار المستنصر بن أبي حفص مثلها وأهدوا إلى السلطان ثوبا من كسوة البيت شغف به واتخذ منه ثوبا للباسه في الجمع والأعياد يستبطنه بين ثيابه تبركا به ولما وصلت هدية السلطان إلى صاحب مصر لعهده الملك الناصر محمد بن قلاوون الصالحي حسن موقعها لديه وذهب إلى المكافأة فجمع من طرف بلاده من الثياب والحيوان ما يستغرب جنسه وشكله من نوع الفيل والزرافة وأوفد بها من عظماء دولته الأمير اليليلى وفصل من القاهرة أخريات سنة خمس ووصلت إلى تونس في ربيع من سنة ست بعدها ثم كان وصولها إلى سدة السلطان بالمنصورة من البلد الجديد في جمادى الآخرة واهتز السلطان لقدومها وأركب الناس إلى لقائها واحتفل للقاء هذا الأمير اليليلى ومن معه من أمراء الترك وبرد وفادتهم واستبلغ في تكريمهم نزلا وقرى وبعثهم إلى المغرب على العادة في مبرة أمثالهم وهلك السلطان خلال ذلك وتقبل أبو ثابت سنة من بعده في تكريمهم فأحسن منقلبهم وملاء حقائبهم صلة وفصلوا من المغرب لذي الحجة سنة سبع ولما انتهوا إلى بلاد بنى حسن في ربيع من سنة ثمان اعترضهم الاعراب بالقفر فانتهبوهم وخلصوا إلى مصر؟؟ الزمن فلم يعاودوا بعدها إلى المغرب سفرا ولا لفتوا إليه وجها وطالما أوفد عليهم ملوك المغرب بعدها من رجال دولتهم من يؤبه له ويهادونهم ويكافئون ولا يزيدون في ذلك كله إلى الخطاب شيئا وكان الناس لعهدهم ذلك يتهمون ان الذين نهبوهم اعراب حصين بدسيسة من صاحب تلمسان أبى حمو لعهدهم منافسة لصاحب المغرب لما بينهم من العداوات والإحن القديمة (أخبرني) شيخنا محمد ابن إبراهيم الأبلي قال حضرت بين يدي السلطان وقد وصله بعض الحاج من أهل بلده مستصحبا كتاب الملك الناصر بالعتاب عن شأن هؤلاء الأمراء وما أصابهم في طريقهم من بلاده وأهدى له مع ذلك كوبين من دهن البلسان المختص ببلدهم وخمسة مماليك من الترك رماة بخمسة أقواس من قسى الغز المؤنقة الصنعة من العرى والعقب فاستقل السلطان هديته تلك بالنسبة إلى ما أهدوا إلى ملك المغرب ثم استدعى القاضي محمد بن هدية وكان يكتب عنه فقال له اكتب الآن إلى الملك الناصر كما أقول لك ولا تحرف كلمة عن موضعها الا ما تقتضيه صناعة الاعراب وقل له أما عتابك عن شأن الرسل وما أصابهم في طريقهم فقد حضروا عندي؟؟ لهم الاستعجال حذرا مما أصابهم وأريتهم مخاوف بلادنا وما فيها من غوائل لاعراب فكان جوابهم انا جئنا من عند ملك المغرب فكيف نخاف مغترين بشأنهم يحسبون أن أمره نافذ في اعراب فلاتنا وأما الهدية فترد عليك أما دهن البلسان فنحن قوم بادية لا نعرف الا الزيت
(٢٢٧)