من دون دفع إليه فاستقام أمرهما مدة وكان من سياستهما من أول أمرهما الاخذ بدعوة السلطان فيما لنظرهما والعمل بطاعته والتجافي عن السكنى بقصور الملك والتحرج من أبهة السلطان امكانهم فأنزلوا بالقصبة عبد الله بن مخلص قائدا من البيوتات اصطنعوه وجعلوا إليه أحكام البلد وضبط الحامية له فاضطلع بذلك سنين ثم أسفه يحيى بن أبي طالب ببعض النزغات الرياسية وحجر عليه الاحكام في ذويه ثم أغرى به أباه وطالبه بحساب الخرج لعطاء الحامية وغفلوا عما وراءها من التظنن فيه والريبة به ثقة بمكانه واستنامة إليه وهم مع ذلك على أولهم في موالاة السلطان والاخذ بدعوته والوفود عليه في أوقاته ولما فسدت ولاية ابن الأحمر للسلطان وعقد على محاولة سبتة وجد السبيل إلى ذلك بما طوى صاحب الاحكام بالقصبة على البث فداخله الرئيس أبو سعيد صاحب الثغر بمالقة جاره بسبتة ووعده الغدر ببني العزفي وأن يصحبهم في أساطيله فشرع الرئيس أبو سعيد في انشاء الأساطيل البحرية واستنفار الناس للمثاغرة وان العدو لمالقة بالمرصاد وشحنها بالفرسان والرجل والناشبة والأقوات وأخفى وجه قصده عن الناس حتى إذا أقلعت أساطيله بيت سبتة لسبع وعشرين من شوال سنة خمس وأرسى بساحتها لموعد صاحب القصبة فأدخله إلى حصنه فملكه ونشر راياته بأسوارها وسرب جيوشه إلى البلد فتسايلوا وركب إلى دور بنى العزفي فتقبض عليهم وعلى والدهم وحاشيتهم وطير الخبر إلى السلطان بغرناطة فوصل الوزير أبو عبد الله بن الحكيم ونادى في الناس بالأمان وبسط المعدلة وأركب ابن العزفي السفن إلى مالقة ثم أجازوا غرناطة وقدموا على ابن الأحمر فأجل قدومهم وأركب الناس إلى لقائهم وجلس لهم جلوسا فخما حتى أدوا بيعتهم وقضوا وفادتهم وأنزلوا بالقصور وأجريت عليهم سنية الارزاق واستقروا بالأندلس إلى أن صاروا بعد إلى المغرب كما نذكره واستبد الرئيس أبو سعيد بأمر سبتة وثقف أطرافها وسد ثغورها وأقام دعوة ابن عمه صاحب الأندلس بأنحائها وكان عثمان بن أبي العلا بن عبد الله بن عبد الحق من أعياص الملك المريني أجاز معه البحر إليها أميرا على الغزاة بمالقة وقائدا لعصبتهم تحت ولائه فموه بنصبه للملك بالمغرب وخاطب قبائل غمارة في ذلك فوقفوا بين الاقدام والاحجام واتصل ذلك كله بالسلطان وهو بمعسكره من حصار تلمسان فاستشاط لها غيظا وحمى أنفه نفرة واستنفره الصريخ فبعث ابنه الأمير أبا سالم لسد تلك الفرجة وجمع إليه العساكر وتقدم إليه باحتشاد قبائل الريف وبلاد تازى فأغذ السير إليها وأحاطت عساكره بها فحاصرها مدة ثم بيته عثمان بن أبي العلاء فاختل معسكره وأفرج عنها منهزما فسخطه السلطان وذوي عنه وجه رضاه وسار عثمان بن أبي العلاء في نواحي سبتة وبلاد غمارة وتغلب على
(٢٢٩)