فتقبض عليه ثم نزل على ثانية من غير عهد فأشخصوه إلى السلطان فلقاه مبرة وتكريما تأنيسا لراشد المنتزى بمعقله واقتحمت على أهلها عنوة سنة ثلاث فمات منهم عالم واحتملت رؤسهم إلى سدة السلطان فرميت في حفائر البلد المحصور إرهابا لهم وتخذيلا ولما عقد السلطان لأخيه أبى يحيى على بلاد الشرق وسرحه لتدويخ التخوم نازل راشد بمعقله من بنى بو سعيد فبيت راشد معسكرهم احدى لياليه فانفضوا وقتل طائفة من بنى مرين ووجد السلطان لها فأمر بقتل على وحمو ابني عمه يحيى ومن كان معتقلا معهما من قومهما ورفعوا على الجذوع وأثبتوهم بالسهام ونزل راشد بعدها عن معقله ولحق بمتيجة وانحاش إليه منيف بن ثابت وأوشاب من مغراوة وتحز الآخرون إلى أميرهم محمد بن عمر منديل الذي عقد له السلطان عليهم ثم ناشبت على راشد ومنيف خوارج الثعالبة ومليكش وصمد إليهم الأمير أبو يحيى في عساكره ثانية ونازلهم بمعاقلهم ورغبوا في السلم فبذله السلطان لهم وأجاز منيف بن ثابت إلى الأندلس فيمن إليه من بنيه وعشيره فاستقروا بها آخر الأيام ولحق راشد ببلاد الموحدين ووفد محمد بن عمر بن منديل سنة خمس على السلطان فأوسعه حبا وتكريما وتمهدت بلاد مغراوة واستبد بملكها السلطان وصرف إليها العمال ولم يزل كذلك إلى أن هلك سنة ست والله تعالى أعلم * (الخبر عن افتتاح بلاد توجين وما تخلل ذلك) * لما نازل يوسف بن يعقوب تلمسان وأحاط بها وتغلب على بنى عبد الواد وسما إلى تملك بلاد توجين وكان عثمان بن يغمراسن قد غلبهم على مواطنهم وملك جبل وانشريس وتصرف في بني عبد القوى بالولاية والعزل وأخذ الإتاوة سنة احدى وسبعمائة وأوعز إليه السلطان ببناء البطحاء التي هدمها محمد بن عبد القوى فبناها وتوغل في قاصية المشرق ثم انكفأ راجعا إلى حضرة أخيه وعطف على بلاد بنى توجين سنة ثنتين وفر بنو عبد القوى إلى ضواحيهم بالقفر ودخل إلى جبل وانشريس وهدم حصونهم به ورجع إلى الحضرة ثم بادر أهل تافركينت سنة ثلاث بإيتاء طاعتهم وانتقضوا وراجع بنو عبد القوى بعد ذلك بصائرهم فدخلوا في طاعة السلطان ووفدوا عليه بمكانه من المنصورة مدينته المحيطة على تلمسان سنة ثلاث فتقبل طاعتهم ورعى سابقتهم وأعادهم إلى بلادهم وأقطعهم وولى عليهم علي بن الناصر بن عبد القوى وأوعز ببناء قصبة المرية سنة أربع وكملت سنة خمس وهلك علي بن الناصر خلال ذلك فعقد عليهم لمحمد بن عطية الأصم كما ذكرناه فاستمر على الطاعة ثم انتقض سنة ست وحمل قومه على الخلاف وانتبذوا عن الوطن إلى أن هلك يوسف بن يعقوب كما نذكره ان شاء الله تعالى والله تعالى أعلم
(٢٢٣)