سنة ثنتين ولما هلك الأمير أبو يحيى وشغل السلطان أبو يوسف بحرب يغمراسن ومنازلة مراكش سما للقطراني أمل في الاستبداد بها وداخل في ذلك بعض أهل الفتن وظاهره يوسف بن الغزي وفتكوا بعمار الورند غزاني شيخ الجماعة بالبلد وائتمروا بمحمد بن عمران بن عبلة فخرج ولحق بالسلطان واستبد القطراني بها ثم ثار به أهل البلد سنة ثمان وخمسين لسنة ونصف من لدن استبداده وقتلوه وصرفوا بيعتهم إلى الخليفة المرتضى بمراكش وتولى كبر ذلك القاضي بن حجاج وعلي بن عمر فعقد له المرتضى عليها وأقام بها أميرا ونازلهم عساكر بنى مرين والسلطان أبو يوسف سنة ستين ونصب عليها آلات الحصار فأحرقوها وامتنعوا وأفرج عنهم وأقام علي بن عمر في سلطانه ذلك ثلاث سنين ثم هلك وكان الأمير يغمراسن بن زيان منذ غلب الموحدين على تلمسان والمغرب الأوسط وصار في ملكته تحيز إليه من عرب المعقل قبيل المنبات من ذوي منصور بما كانت مجالات المعقل مجاورة لمجالات بنى يادين في القفر وانما ارتحلوا عنها من بعد ما جأجأ يغمراسن من بنى عامر بمجالاتهم من مصاب ببلاد بنى يزيد فزاحموا المعقل بالمناكب عن مجالاتهم ببلاد فيكيك وصاروا حولهم إلى ملوية وما وراءها من بلاد سجلماسة فملكوا تلك المجالات ونبذ يغمراسن العهد إلى ذوي عبيد الله منهم واستخلص المنبات هؤلاء فكانوا له حلفاء وشيعة ولقومه ودعوته خالصة وكانت سجلماسة في مجالاتهم ومتقلب ظعنهم وناجعتهم ولهم فيها طاعة معروفة فلما هلك علي بن عمر آثروا يغمراسن بملكها فحملوا أهل البلد على القيام بطاعته وخاطبوه وجأجؤا به فغشيها بعساكره وملكها وضبطها وعقد عليها لعبد الملك بن محمد بن علي بن قاسم بن درع من ولد محمد بن زكراز بن يندوكس ويعرف بابن حنينة نسبة إلى أم أبيه أخت يغمراسن ومعه يغمراسن بن حمامة وأنزل معهما ولده الأمير يحيى لإقامة الرسم الملوكي ثم أداله بأخيه من السنة الأخرى وكذا كان شأنه في كل سنة ولما فتح السلطان أبو يوسف بلاد المغرب وانتظم أمصاره ومعاقله في طاعته وغلب بنى عبد المؤمن على دار خلافتهم ومحا رسمهم وافتتح طنجة وطوع سبتة مرفأ الجواز إلى العدوة وثغر المغرب سما أمله إلى بلاد القبلة فوجه عزمه إلى افتتاح سجلماسة من أيدي بنى عبد الواد المتغلبين عليها وإدالة دعوته فيها من دعوتهم فنهض إليها في العساكر والحشود في رجب من سنة ثنتين وسبعين فنازلها وقد حشد إليها أهل المغرب أجمع من زناتة والعرب والبربر وكافة الجنود والعساكر ونصب عليها آلات الحصار من المجانيق والعرادات وهندام الغفط القاذف بحصى الحديد ينبعث من حربة النار الموقدة في البارود بطبيعة غريبة ترد الأفعال إلى قدرة باريها فأقام عليها حولا كريتا يغاديها القتال ويراوحها إلى أن سقطت
(١٨٨)