في الجيوش وعهد إليه بتدويخ الضاحية ومحاصرة الثغور فنازل قسنطينة وأفسد نواحيها ثم رجع إلى بجاية فحاصرها ثم عزم على الاقلاع ورأى أن حصن بكر غير صالح لتجهيز الكتائب إليها لبعده وارتاد للبناء عليها ما هو أقرب منه فاختط بمكان سوق الخميس بوادي بجاية مدينة لتجهيز الكتائب لها على بجاية وجمع الأيدي على بنائها من الفعلة والعساكر فتمت لأربعين يوما وسموها تامزيزدكت باسم الحصن القديم الذي كان لبنى عبد الواد قبل الملك بالجبل قبلة وجدة وأنزل بها عساكر تناهز ثلاثة آلاف وأوعز السلطان إلى جميع عماله ببلاد المغرب الأوسط بنقل الحبوب إليها حيث كانت والادم وسائر المرافق حتى الملح وأخذ الرهن من سائر القبائل على الطاعة واستوفوا جبايتهم فثقلت وطأتهم على بجاية واشتد حصارها وغلت أسعارها (وبعث) مولانا السلطان أبو يحيى جيوشه وقواده سنة سبع وعشرين فسلكوا إلى بجاية على جبل بنى عبد الجبار وخرج بهم قائدها أبو عبد الله بن سيد الناس إلى ذلك الحصن وقد كان موسى بن علي عند بلوغ خبرهم إليه أستنفر الجنود من ورائه وبعث إلى القواد قبله بالبدار فالتقى الجمعان بضاحية تامريزدكت فانكشف ابن سيد الناس ومات ظافر الكبير مقدم الموالى من العلوجين بباب السلطان واستبيح معسكرهم ولما سخط السلطان قائده موسى بن علي ونكبه كما نذكره في أخباره أغزى يحيى بن موسى السنوسي في العساكر إلى إفريقية ومعه القواد فعاثوا في نواحي قسنطينة وانتهوا إلى بلد بونة ورجعوا وفى سنة تسع وعشرين بعدها وفد حمزة بن عمر على السلطان أبى تاشفين صريخا ووفد معه أو بعده عبد الحق بن عثمان فحل الشول من بنى مرين وكان قد نزل على مولانا السلطان أبى يحيى منذ سنين فسخط بعض أحواله ولحق بتلمسان فبعث السلطان معهم جميع قواده بجيوشه لنظر يحيى بن موسى ونصب عليهم محمد بن أبي بكر بن عمران من أعياص الحفصيين ولقيهم مولانا السلطان أبو يحيى بالدياس من نواحي بلاد هوارة وانخزل عنه أحياء العرب من أولاد مهلهل الذين كانوا معه وانكشفت جموعه واستولى على ظعائنه بما فيها من الحرم وعلى ولديه احمد وعمر فبعثوا بهم إلى تلمسان ولحق مولانا المنصور أبو يحيى بقسنطينة وقد أصحابه بعض الجراحة في حومة الحرب وسار يحيى بن موسى وابن أبي عمران إلى تونس واستولوا عليها ورجع يحيى بن موسى عنهم بجموع زناتة لأربعين يوما من دخولها فقفل إلى تلمسان وبلغ الخبر إلى مولانا السلطان أبى يحيى بقفول زناتة عنهم فنهض إلى تونس وأجهض عنها ابن أبي عمران بعد أن كان أوفد من بجاية ابنه أبا زكريا يحيى ومعه محمد بن تافراكين من مشيخة الموحدين صريخا على أبي تاشفين فكان ذلك داعية إلى انتقاض ملكه كما نذكره
(١٠٨)