بنى العباس وغلب التتر على بغداد سنة ست وخمسين وستمائة وقتل ملكهم هلاون آخر خلفاء العباسيين وهو المستعصم ثم ساروا في ممالك العراق وأعماله فاستولوا عليها وعبر الكثير من الكرد نهر الفرات فرارا أمام التتر لما كانوا يدينون بدين المجوسية وصاروا في إيالة الترك فاستنكف أشرافهم وبيوتاتهم من المقام تحت سلطانهم وجاز منهم إلى المغرب عشيرتان تعرفان ببني لوبن وبنى بابير فيمن إليهم من الاتباع ودخلوا المغرب لآخر دولة الموحدين ونزلوا على المرتضى بمراكش فأحسن تلقيهم وأكرم مثواهم وأسنى لهم الجراية والاقطاع وأحلهم بالمحل الرفيع من الدولة (ولما انتقض) أمر الموحدين بحدثان وصولهم صاروا إلى ملكة بنى مرين ولحق بعضهم بيغمراسن بن زيان ونزع المستنصر إلى إفريقية يومئذ؟؟ بيت من بنى بابيرلا أعرفهم كان منهم محمد بن عبد العزيز المعروف بالمزوار صاحب مولانا السلطان أبى يحيى وآخرون غيرهم منهم ركان من أشهر من بقي في إيالة بنى مرين منهم ثم من بنى بابير علي بن حسن بن صاف وأخوه سلمان ومن بنى لوين الخصر بن محمد وكان تكون الفتنة بينهم كما كانت في مواطنهم الأولى فإذا اتعدوا للحرب توافت إليهم أشياعهم من تلمسان وكان نضالهم بالسهام وكانت القسي سلاحهم وكان من أشهر الوقائع بينهم وقيعة بفاس سنة أربع وسبعين وستمائة جمع لها خضر رئيس بنى لوين وسلمان وعلى رئيسا بنى بابير واقتتلوا خارج باب الفتوح وتركهم يعقوب بن عبد الحق لشأنهم من الفتنة حياء منهم فلم يعرض لهم وكان مهلك سلمان منهم بعد ذلك مرابطا بثغر طريف عام تسعين وستمائة وكان لعلي بن حسن ابنه موسى اصطفاه السلطان يوسف بن يعقوب وكشف له الحجاب عن داره وربى بين حرمه فتمكنت له دالة سخط بسببها بعض الأحوال مما لم يرضه فذهب مغاضبا ودخل إلى تلمسان أيام كان يوسف بن يعقوب محاصرا لها فتلقاه عثمان بن يغمراسن من التكرمة والترحيب بما يناسب محله من قومه ومنزلته من اصطناع السلطان وأشار يوسف بن يعقوب على ابنة باستمالته فلقيه في حومة القتال وحادثه واعتذر له بكرامة القوم إياه فحضه على الوفاء لهم ورجع إلى السلطان فخبره الخبر فلم ينكر عليه وأقام هو بتلمسان وهلك أبوه على بالمغرب سنة سبع وسبعمائة ولما هلك عثمان بن يغمراسن بن زيان زاده بنوه اصطناعا ومداخلة وخلطوه بأنفسهم وعقدوا له على العساكر لمحاربة أعدائهم وولوه الاعمال الجليلة والرتب الرفيعة من الوزارة والحجابة ولما هلك السلطان أبو حمو وقام بأمره ابنه أبو تاشفين وكان هو الذي تولى له أخذ البيعة على الناس وغص بمكانه مولاه هلال فلما استبد عليه وكان كثيرا ما ينافس موسى بن علي ويناقشه فخشيه على نفسه وأجمع على إجازة البحر للمرابطة بالأندلس فبادره هلال وتقبض عليه وغربه
(١١٢)