إلى العدوة ونزل بغرناطة وانتظم في الغزاة المجاهدين وأمسك عن جراية السلطان فلم يمد إليها يدا أيام مقامه وكانت من أنزه ما جاء به وتحدث به الناس فأغربوا واتقدت لها جوانح هلال حسدا وعداوة فأغرى سلطانه فخاطب ابن الأحمر في استقدامه فأسلمه إليه واستعمله السلطان في حروبه على قاصيته حتى كان من نهوضه بالعساكر إلى إفريقية للقاء مولانا السلطان أبى يحيى سنة سبع وعشرين وكانت الدبرة عليه واستلحمت زناتة ورجع في الفل فأغرى هلال السلطان وألقى في نفسه التهمة به ونمى ذلك إليه فلحق بالعرب الزواودة وعقد مكانه على محاصرة بجاية ليحيى بن موسى صاحب شلب ونزل هو على سليمان ويحيى بن علي بن سباع بن يحيى من أمراء الزواودة في أحيائهم فلقوه مبرة وتعظيما وأقام بين أحيائهم مدة ثم استقدمه السلطان ورجع إلى محله من مجلسه ثم تقبض عليه لأشهر وأشخصه إلى الجزائر فاعتقله بها وضيق محبسه ذهابا مع أغراض منافسة هلال حتى إذا سخط هلالا استدعاه من محبسه أضيق ما كان فانطلق إليه فلما تقبض على هلال قلد موسى بن علي حجابته فلم يزل مقيما لرسمها إلى يوم اقتحم السلطان أبو الحسن تلمسان فهلك مع أبي تاشفين وبنيه في ساحة قصرهم كما قلناه وانقضى أمره والبقاء لله وانتظم بنوه بعد مهلكه في جملة السلطان أبى الحسن وكان كبيرهم سعيد قد خلص من بين القتلى في تلك الملحمة بباب القصر بعد هدو من الليل مثخنا بالجراح وكانت حياته بعدها تعد من الغرائب ودخل في عفو السلطان إلى أن عادت دولة بنى عبد الواد فكان له في سوقها نفاق حسبما نذكره والله غالب على أمره (وأما يحيى بن موسى) فاصله من بنى سنوس احدى بطون كومية ولهم ولاء في بني كمين بالاصطناع والتربية ولما فصل بنو كمين إلى المغرب قعدوا عنهم واتصلوا ببني يغمراسن واصطنعوهم ونشأ يحيى بن موسى في خدمة عثمان وبنيه واصطناعهم (ولما كان) الحصار ولاه أبو حمو مهمه من التطواف بالليل على الحرس بمقاعدهم من الأسوار وقسم القوت على المقاتلة بالمقدار وضبط الأبواب والتقدم في حومة الميدان وكان له أعوان على ذلك من خدامه قد لزموا الكون معه في البكر والآصال والليل والنهار وكان يحيى هذا منهم فعرفوا له خدمته وذهبوا إلى اصطناعه وكان من أول ترشيحه ترديد أبى يوسف بن يعقوب بمكانه من حصارهم فيما يدور بينهم من المضاربة فكان يجلى في ذلك ويوفى من عرض مرسله ولما خرجوا من الحصار أربوا به على رتب الاصطناع والتنويه (ولما ملك أبو تاشفين) استعمله بشلب مستبدا بها وأذن له في اتخاذ الآلة لما عزل موسى بن علي عن حرب الموحدين وقاصية الشرق عزله به وكانت المرية وتنس من عمله فلما نازل السلطان أبو الحسن تلمسان راسله بالطاعة والكون معه فتقبله وجاء به من
(١١٣)